بمشاركات باحثين من جامعات عربية ومحلية.. انطلاق المؤتمر الـ 38 لتاريخ العلوم عند العرب

حلب – أنطوان بصمه جي:

لأن سورية سباقة لحماية التراث ضد الذين يشوهون حضاراتها، وظل علماؤها الرواد لأكثر من 8 قرون يشعون على العالم أجمع علماً وأدباً وفناً، احتضن مدرج معهد التراث العلمي العربي في جامعة حلب، صباح اليوم، المؤتمر السنوي الثامن والثلاثين لتاريخ العلوم عند العرب الذي يقيمه المعهد للاحتفاء بالطبيب العربي عمار بن علي الموصلي الذي عاش في القرن العاشر الميلادي، ويرافق المؤتمر عدد من معارض التراث الفني والعلمي والتوثيق التراثي.
شارك في المؤتمر علماء وباحثون، يمثلون جامعات ومؤسسات تُعنى بالتراث من إيران ومصر وليبيا والجزائر وسلطنة عُمان والإمارات والعـراق والأردن وسوريـة والاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، يناقشون عبر خمس جلسات /45/ بحثاً جديداً و/12/ ملصقاً جدارياً، سيتم عرضها خلال أيام المؤتمر تشمل مجالات تاريخ العلوم الطبية والتطبيقية والأساسية والتراث العمراني والآثار عند العرب.
وأوضح رئيس جامعة حلب الدكتور ماهر كرمان راعي المؤتمر في كلمته أن المؤتمر من خلال احتفائه بالطبيب العربي عمار بن علي الموصلي، يؤكد الإرث الخالد الذي تركه العرب للعالم وتتم الاستفادة منه حتى اليوم، مشيراً إلى دور معهد التراث العلمي العربي على مستوى القطر والوطن العربي منذ تأسيسه قبل 49 عاماً في مواظبة تنظيم المؤتمر السنوي باعتباره فرصة ثمينة لصون تراث الأجداد الذي رفد التطور والعلم بكنوز ثمينة منذ عصور طويلة.
عميد معهد التراث العلمي العربي الدكتورة بثينة جلخي أوضحت لـ “تشرين” أن المؤتمر يهدف للكشف عن المزيد من الإبداعات العلمية المتميزة التي قدمها العلماء العرب والمسلمون للحضارة الإنسانية في مختلف فروع المعرفة، وإبراز مكانة هذه العلوم ومدى إسهام العلماء العرب في رفدها بالجديد والمتطور خلال عصر ازدهار العلوم العربية.
وأضافت الدكتورة جلخي: إن المؤتمر يحظى بدعم كامل من جامعة حلب للارتقاء بالعلم وفق ما تركه العلماء العرب من أساسات متينة تشكل خميرة صالحة للخروج بنتائج مهمة في التطور والحداثة المطلوبين في الوقت الحالي.
وأكد رئيس الجمعية الفلكية السورية الدكتور محمد العصيري أهمية إقامة المؤتمر في ظروف استثنائية تمر بها المنطقة من جراء العدوان الصهيوني المتواصل على فلسطين ولبنان وسورية، للفت انتباه العالم بأكمله إلى حضارة المنطقة الموغلة بالتاريخ، موضحاً أن المنطقة في معركة ثقافية ضد إرهاب عالمي تتعرض له المنطقة من خلال تشويه الحقائق والتاريخ، ما يستدعي حماية وصون التاريخ والتراث وتجاهل دور العلماء العرب في التطوير والارتقاء بالحياة الإنسانية عبر مقاومة علمية تتصدى لحصار العقول وتمنع ظهوره.
وتحدث رئيس جامعة الشارقة حميد النعيمي خلال مشاركته إلكترونياً عن التطور والقفزات النوعية التي تحققها سورية في مجال مختلف العلوم من خلال كوادرها وقواها العلمية الوطنية، ولاسيما في علم الفلك وانضمامها للاتحاد الدولي للفلك في النمسا، ما يعكس دورها المحوري في مجال العلوم جامعةً بين العلوم في التراث والعلوم الحديثة والخروج بمخرجات نوعية من خلال الأبحاث المقدمة على مستوى محلي وعربي وإقليمي.
ومن المشاركين، بيّن الباحث الوافد من سلطنة عمان الدكتور أسعد بن حمود بن خلفان العامري أن المؤتمر يكتسب أهميته من تعدد محاوره ضمن المجالات العلمية المتعددة ويشكل إحدى التظاهرات العلمية الضخمة والبناءة على مستوى الوطن العربي بمساهمته في إبراز الحضارة والتراث العربيين وإسهامات العلماء العرب فيهما بمختلف مجالات العلوم وانعكاساتها على الواقع، مضيفاً:إن محوره يركز على العمارة الدفاعية في سلطنة عمان وأشكالها وسماتها والجهود المبذولة للحفاظ عليها، وأبرز المقارنات العمرانية بينها وبين قلعة حلب التاريخية وجهود الدولة السورية في إعادة تأهيلها باحترافية وحرص.
وتضمن المؤتمر عرض فيلم قصير يتضمن تعريفاً عن معهد التراث العلمي العربي وتاريخه وأهدافه من خلال إبراز إسهامات العلماء العرب ودورهم في بناء الحضارة الإنسانية ومكتبته التي تحتوي على أكثر من 23 ألف كتاب عربي وأجنبي والمخطوطات الأصلية التي يصل عددها إلى 462 مخطوطاً و2351 مخطوطاً مصوراً.
واحتفى المؤتمر بالطبيب العربي أبو القاسم عمار بن علي الموصلي (القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي) الذي يعرِفُه الأوروبيون من كتابه “المنتخب في علاج أمراض العيون” الذي تحتفظ بمخطوطه الأصلي مكتبة الإسكوريال في إسبانيا. وهو كتابٌ في مداواة علل العين بالأدوية والآلات الجراحية، ويعد جزؤه العملي من الأهمية بمكان في مجال الجراحة العينية، إذ تضمن دراسة عميقة مبنية وفق منهجٍ علميٍ دقيق لتفاصيل إجراء ست عمليات لماء العين المعروفة باسم”كاتاراكت” أو “الساد الطري، ولا تزال طريقته في عملية امتصاص الساد الطري متبعة حتى اليوم.

كما ابتدع طريقة لمعالجة غطش البصر الناتج من الإصابة بالحوّل عند الأطفال بتغطية العين السليمة، وقد سبق الموصلي بهذه الطريقة غيره من الأطباء المعروفين بألف عام.
وقد تُرجم كتاب هذا العالم العربي الكبير إلى الألمانية بعنوان “فن الكحالة العربي” في بداية القرن العشرين، كما طُبع باللغة العربية عام 1991، ويذكر أن معهد التراث العلمي العربي في جامعة حلب يعد المعهد الوحيد المتخصص في تاريخ العلوم العربيـة على المستويين الوطني و العربي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار