«فرح جديد» تحدت الإعاقة وحققت حلمها لتكون من أوائل دفعتها بكلية الحقوق
تشرين – رفاه نيوف:
جميلة الوجه، حاضرة البديهة، ثابتة الخطا، واثقة بنفسها وقدرتها، إنها الشابة الطموحة المتفوقة فرح جديد (الكفيفة) والتي أصبحت أنموذجاً يحتذى به.
لقد استطاعت فرح بعزيمة وإصرار وثقة بنفسها وإيمان كبير بقدرتها التفوق على إعاقتها والتي شكلت حافزاً كبيراً نحو النجاح بمشاركة والدتها بكل خطواتها.
الشابة فرح جديد من مواليد ٢٠٠١ حصدت ثمار تعبها وحققت حلمها في دراسة كلية الحقوق جامعة تشرين لتتخرج منها بتفوق وتحصد مركزا متقدما بين زملائها وزميلاتها.
هذا التفوق ليس وليد السنوات الجامعية فقط وإنما نتيجة مشوار طويل من التفوق بدأته كما أنهته بالتفوق والتميز، فقد حصلت في شهادة التعليم الأساسي على التفوق وكانت من بين المكرمين من قبل السيدة الأولى أسماء الأسد، ولتحصل على التكريم الثاني من قبل السيدة الأولى في الشهادة الثانوية بمجموع ٢٠٨ / ٢٢٠ في الفرع الأدبي أيضاً.
وفي لقاء خاص لـ (تشرين) تحدثت فرح عن سبب اختيارها دراسة الحقوق والذي برأيها هو الفرع الأقوى بالنسبة لوضعي، والذي سيمكنني من الدراية بحقوقي بشكل صحيح والمطالبة بها.
وتابعت فرح أسرتي بشكل عام ووالدتي بشكل خاص كانت السند والقوة والدعم لي، درست معي البكالوريا ونجحنا سوية، لنسجل في كلية الحقوق، كانت رفيقتي وزميلتي وأختي وأمي وسندي.
مرت السنتان الأوليتان من تعليمي الجامعي بكلية الحقوق بكل يسر وسهولة واستطعت التفوق خلال السنة الأولى بمعدل ٨٩٪، وفي السنة الثانية بمعدل ٩٠ ٪ حصلت خلالهما على جائزة الباسل لسنتين متتاليتين.
إلا أن وضعي الصحي وخضوعي لعملية انفصال شبكية (قطع زجاجي) والذي نتج عنها فقدان البصر كلياً وكان لا يشكل أكثر من واحد من عشرة، ما أثر بشكل سلبي على نفسيتي وانخفاض معدلي قليلاً في السنة الثالثة، أما في السنة الرابعة والتي اعتبرها الأصعب في حياتي الجامعية، مرحلة مرض والدتي وزميلتي ورفيقة دربي ونور عيوني أمي، وخضوعها لعمل جراحي صعب، ولذلك توفقت عن الدوام وبالتالي أثر على معدلي.
وتشير فرح أنه رغم الظروف الصعبة استطعت التوازن من جديد وخاصة بعد شفاء أمي، ولفتت أنها خلال السنوات الأربع لم تحمل مادة واحدة هي ووالدتها، وتخرجت بمعدل ٨٣.٤ ٪ وتربعت في المرتبة الثانية على دفعتها، وكذلك تخرجت والدتها بمعدل٧٩. ٢٨ ٪ لتكون الفرحة فرحتين.
وأكدت فرح أنها لاقت كل الرعاية والاهتمام من دكاترة الجامعة وبعض زميلاتها، من خلال توفير كافة متطلبات النجاح والتفوق.
إضافة إلى اعتمادها الكلي على التكنولوجيا التي تمكن الكفيف من توظيف كل الحواس بشكل إيجابي للاستفادة منها، من خلال قراءة أي نص مكتوب وتحويله إلى ملف صوتي أو بالعكس، إضافة إلى الكتابة على الحاسوب والموبايل بسرعة تضاهي سرعة المبصرين.
ولم ينته مشوار فرح العلمي هنا، بل تقدمت لمتابعة دراسة الماجستير في الحقوق وتنتظر نتائج القبول.
وتؤكد والدة فرح السيدة سوسن جديد مواليد ١٩٨٣ والتي تشكل أنموذجاً للمرأة السورية الناجحة التي استطاعت أن تبني أسرة متميزة بعلمها وأخلاقها، بمساندة زوج قدم كل ما يستطيع لنجاح زوجته وأولاده، إنها رافقت فرح في مشوارها درست نجحت وتخرجت معها، تقول: لقد أعطتني فرح أكثر مما أعطيتها، من الثقة بالنفس، وعدم الاستسلام أمام الصعاب وأنه لا شيء مستحيل أمام الإرادة الحقيقية فكان النجاح حليفي وحليف ابنتي وبتميز.
ولفتت والدة فرح بأن طموحها وبتشجيع من فرح لن يتوقف هنا بل تفكر بمتابعة تحصيلها العلمي العالي إضافة إلى انتسابها لنقابة المحامين وممارسة مهنة المحاماة.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم بعد مشوار حافل بالتفوق والنجاح للشابة المتفوقة فرح رغم الصعاب ألا يحق لذوي الاحتياجات الخاصة وخاصة (الكفيف) من متابعة مسيرته العملية من خلال الانتساب إلى نقابة المحامين ولو كان انتساب شرفاً، ولماذا لا يمكنهم العمل كمحامين أو مستشارين، أليس البصيرة أقوى من البصر أسئلة كثيرة تحتاج إلى جواب ينصف هذه الفئة وخاصة المتفوقين منهم.