الاقتصاد العالمي بحالة عدم توازن.. صعود النفط لانخفاض المخزون وارتفاع الذهب والدولار مدعوميْن بترقب انتخابات أميركا
تشرين – يسرى المصري:
باق من الوقت عشرة أيام للانتخابات الأميركية، وبالمقابل تتصاعد حدة المخاوف من توسع الصراع والحرب التي تعمد ” اسرائيل ” إلى توسيع رقعتها وتبدو الأسواق العالمية كبحر متلاطم الأمواج تارة بسبب التوتر والحروب في الشرق الأوسط، وتارة أخرى بسبب ترقب الانتخابات الأميركية، حيث تعتبر انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 2024 الأكثر قلقاً للمتابعين لجهة خصائص المتنافسين، وحقبتها الزمنية المتموضعة في وسط أزمات عالمية مؤثرة ، وهو ما يجعل المؤسسة والتاجر والبنك والمصنع متردداً في التقدم في خططه الاقتصادية لصعوبة التنبؤ من جهة، ولضبابية المشهد من جهة أخرى في الشرق الأوسط ،حيث ارتفعت أسعار النفط للعقود الآجلة بعد بيانات عن انخفاض غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية، من جهته واصل الذهب صعوده مدفوعاً بتوقعات بإقدام بنوك مركزية كبرى على خفض الفائدة، في الوقت الذي تلقى فيه الدولار دعماً إضافياً من احتمال فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
قد لا نبالغ إذا ما قلنا إن الانتخابات في الولايات المتحدة هي انتخابات لتحديد شكل العلاقات الاقتصادية الدولية والتجارة العالمية ومستقبلها، وأسعار الفائدة المحلية. كما ستؤثر على تحويلات المهاجرين وأسعار الطاقة والشحن وسعر الفائدة الرسمي وغيرها من المتحوِّلات الاقتصادية، ولكن كل ذلك يهون أمام حالة عدم اليقين والتخوُّف من الانتخابات الأمريكية عام 2024، التي يمكن أن تدخل في حالة صعبة تشبه ما حصل في 2020 أو أكثر صعوبة، مما يؤثر على حالة الاقتصاد العامة داخل الولايات المتحدة وخارجها، فضرب عملية الاستقرار هو أحد أكبر مخاوف الاقتصاديين والشركات والمستثمرين.
وارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية المبكرة لتقلص الخسائر الحادة التي تكبدتها على مدار الجلستين الماضيتين، وذلك بعد أن أظهرت بيانات في قطاع النفط انخفاضاً غير متوقع في مخزونات الخام الأميركية الأسبوع الماضي.
وصعدت العقود الآجلة لخام برنت 13 سنتاً أو 0.18% إلى 74.35 دولاراً للبرميل وقت إعداد هذا التقرير، كما وصلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 70.54 دولاراً بارتفاع 15 سنتاً أو 0.24%.
ضرب عملية الاستقرار في الشرق الأوسط هو أحد أكبر مخاوف الاقتصاديين والشركات والمستثمرين
وانخفض الخامان عند التسوية إلى أدنى مستوياتهما منذ 2 تشرين الأول الجاري لليوم الثاني على التوالي.
وهوى الخامان القياسيان بنسب تراوح بين 6 و7% منذ بداية الأسبوع حتى الآن بعد أن خفضت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ووكالة الطاقة الدولية توقعات الطلب لعامي 2024 و2025.
كما انخفضت الأسعار على خلفية تراجع علاوات المخاطر وانحسار المخاوف رغم استمرار حالة عدم اليقين بشأن الصراع في الشرق الأوسط.
وما زال المستثمرون ينتظرون مزيداً من التفاصيل من الصين بشأن خططها الواسعة التي أعلنت عنها في 12 تشرين الأول لإنعاش اقتصادها المتباطئ.
وفي الولايات المتحدة نقلت مصادر في السوق عن أرقام معهد البترول الأميركي أمس أن مخزونات النفط الخام والوقود هبطت الأسبوع الماضي، رغم توقعات بارتفاع مخزونات الخام.
وقالت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها: إن مخزونات الخام هبطت 1.58 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 11 تشرين الأول، وأضافت: إن مخزونات البنزين تراجعت 5.93 ملايين برميل، بينما انخفضت مخزونات نواتج التقطير 2.67 مليون برميل.
الذهب
صعدت أسعار الذهب لتحوم قرب مستويات مرتفعة قياسية بدعم من عوامل، منها غموض ما ستسفر عنه الانتخابات الأميركية والتوقعات بإقدام بنوك مركزية كبرى على خفض أسعار الفائدة في وقت يترقب فيه المستثمرون سلسلة من البيانات الأميركية للحصول على مزيد من المؤشرات.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.31% إلى 2682.10 دولاراً للأوقية (الأونصة) وقت كتابة هذا التقرير، بعد أن بلغت الأسعار 2685.16 دولاراً في ذروة ارتفاعها في الجلسة وهو مستوى يقل قليلاً عن سعر قياسي سجله الذهب في 26 أيلول وهو 2685.42 دولاراً.
وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.22% إلى 2697.20 دولاراً.
وقال كبير محللي السوق لمنطقة آسيا والمحيط الهادي لدى أواندا، كلفن وونغ: إن “المستثمرين يقبلون على الذهب باعتباره ملاذًاً آمناً تحوطًاً من الغموض المحيط بالانتخابات الأميركية، ومن شأن فوز ترامب بالرئاسة دعم الذهب، لأنه قد يؤدي إلى زيادة التوتر التجاري وتوسيع عجز الميزانية”.
ومن المقرر أن تصدر بيانات مبيعات التجزئة والإنتاج الصناعي في الولايات المتحدة لشهر أيلول، إضافة إلى البيانات الأسبوعية لطلبات إعانة البطالة في وقت لاحق من اليوم.
ومن المرجح أن يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى إذ يقول: إن السيطرة على التضخم في منطقة اليورو تتحسن.
وتقدم أسعار الفائدة المنخفضة والتوتر الجيوسياسي الدعم للذهب كملاذ آمن إذ إنه لا يدرّ عوائد.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.23% إلى 31.60 دولاراً للأوقية، وارتفع البلاتين 0.17% عند 1000.05 دولار وصعد البلاديوم 0.12% إلى 1027.78 دولاراً.
وعلى صعيد العملات، ارتفع الدولار الأسترالي اليوم بعد أن تجاوزت أرقام التوظيف التوقعات للشهر السادس، في حين استقر الدولار الأميركي قرب أعلى مستوى في 11 أسبوعاً مع تلقيه دعماً إضافياً من احتمال فوز دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة.
وكان الحدث الأبرز في آسيا اليوم هو المؤتمر الذي عقد في الصين وركز على التدابير الرامية إلى دعم قطاع العقارات المتعثر في البلاد.
واستقر اليوان في البر الرئيسي عند 7.1179 للدولار، في حين بلغ في أحدث التداولات في الخارج 7.123 مقابل الدولار.
وصعد الدولار الأسترالي 0.20% إلى 0.6679 دولار بعد أن أظهرت بيانات أن صافي الوظائف في أستراليا ارتفع بمقدار 64100 وظيفة في أيلول مقارنة بآب، وهو ما يفوق بكثير توقعات السوق التي كانت تشير إلى ارتفاع قدره 25 ألف وظيفة، في حين ظل معدل البطالة ثابتاً.
وفي السوق بشكل أوسع، سجل الدولار أداء قوياً بعد أن بلغ أعلى مستوى في 11 أسبوعاً مقابل سلة من العملات في الجلسة السابقة.
وجرى تداول الجنيه الإسترليني على تراجع 0.03% عند 1.2989 دولار، لكنه ظل قرب أدنى مستوى في شهرين الذي سجله أمس الأربعاء بسبب بيانات التضخم في المملكة المتحدة التي جاءت أضعف من المتوقع.
ولم يشهد اليورو تغيراً يذكر ليجري تداوله عند 1.0854 دولار قبل اجتماع السياسة النقدية المرتقب للبنك المركزي الأوروبي في وقت لاحق والذي من المتوقع أن يعلن خلاله عن خفض آخر في أسعار الفائدة.
ولم يتلق الدولار الدعم فحسب من سلسلة البيانات الاقتصادية الإيجابية التي دفعت المتداولين إلى تقليص توقعاتهم بشأن خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة، وإنما أيضاً من احتمال فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات المقررة الشهر المقبل، وذلك لأن سياساته تعني تقليل احتمالات الخفض الحاد لأسعار الفائدة.
وارتفع مؤشر الدولار في أحدث التداولات عند 103.61، بعد أن سجل ذروة عند 103.60 في الجلسة السابقة.