عقارات حي الطليعة في طرطوس انقلبت نقمة على أصحابها.. ضياع حقوق وقيم تخمينية ظالمة لاستملاك سكان الحي عقاراتهم مجلس مدينة طرطوس: نتمنى أن يؤخذ بالاعتراض لإنصاف المالكين وتصحيح القيم التخمينية
تشرين – وداد محفوض:
يعاني أهالي حي الطليعة في طرطوس من ظلم لحق بهم بعد صدور قرار لجنة التوزيع الإجباري (القيم التخمينية لعقارات الحي) من أجل المصالحة عليها لاستملاكها، وانقلبت هذه العقارات نقمة على أصحابها بدلاً من أن تكون نعمة، فالقيم التخمينية التي أقرّتها اللجنة كبيرة جداً وتعجيزية، كأن هذه العقارات في أرقى أحياء مدينة طرطوس، والتي تراوحت أسعارها بين 3 و14 مليون ليرة للمتر الواحد.
بيع الطريق
“تشرين” زارت الحي والتقت بعض قاطنيه، وروى (العم أبو حامد) أحد مالكي العقارات معاناته، وهو الذي اشترى عقاره بموجب حصص سهمية من المالك الأساسي للعقار الأم منذ عام 1980 ليفاجأ بأن مساحة عقاره بتخمين اللجنة 170 متراً، علماً أنها 130 متراً، فكيف زادت المساحة لتقدر قيمة التخمين بـ850 مليون ليرة؟
وبيّن أن مشكلتهم الأساسية هي بيع الطريق الذي يشق الحي بعرض بين 8 و 10 أمتار شمالاً وجنوباً والموجود سابقاً، متسائلاً: كيف سمحت البلدية ببيع هذا الطريق؟ فهذا البيع شكّل عبئاً على قاطني الحي وأدخلهم في متاهة، خاصة بعد توزيع حصص مشتريّ الطريق على المالكين ليتم تحصيل حقوقهم، وأردف: لماذا قامت البلدية بإعطاء تراخيص لمشتريّ الطريق وهو ملك عام؟
أخطاء قاتلة
على المقلب الآخر، بيّن (العم أبو حسن) أن مساحة عقاره 89 متراً وأصبحت بعد التخمين 175 متراً، والأنكى ظهور شريك له بعقاره، وقيمة التخمين وصلت إلى 178 مليون ليرة .
وأشار عادل عباس إلى أنه ظلم في التخمين، فهناك عقارات على الجهة الشمالية وعلى الصف نفسه، فلماذا خُمن بعضها بـ3 ملايين وبعضها بـ12 مليوناً؟ ونوه إلى أن بعض التجار اشتروا أرضاً مع أن أصحاب الأرض.. ولم يبيعوا على حد قوله، ووزعت حصصهم على العقارات الأخرى لتتداخل العقارات والأملاك ببعضها .
لم تتم دعوتنا
وأكد كل من التقيناهم أنهم قاموا بمراجعة البلدية مراراً وتكراراً، لكن من دون مجيب وأنهم لم يبلّغوا بأي دعوة، وتشكلت لجنة التوزيع الإجباري ليفاجؤوا بقرارها، وأنها الآن تعطيهم مهلة سنة للدفع أي للشهر التاسع لعام 2025 لتسوية أوضاعهم، مع تأكيدهم أنه لا أحد يستطيع دفع حتى مليون واحد في ظل هذه الظروف الصعبة، مؤكدين أنه لولا الفقر لما سكنوا في أحياء نائية وتحملوا مشقة العيش فيها .
التسوية مستحيلة
وأجمعوا على أنه لا أحد من القاطنين يستطيع تسوية وضع عقاره وحتى لو أعطوه مهلة 100 عام وليس عاماً واحداً، متسائلين: هل من المعقول وضع عقاراتهم بالمزاد العلني بعد انتهاء المهلة بعد كل هذا الانتظار ليتملكوا عقاراتهم؟
أبنية مخالفة
مدير الشؤون الفنية في مجلس المدينة المهندس وسيم زغيبي، بيّن أن المشكلة الأساسية للعقارات الواقعة في حي الطليعة تكمن بداية بأن عدداً من الأهالي اشتروا مساحات في الحي، وشيّد معظمهم الأبنية على هذه المساحات بشكل مخالف وفقاً لمخطط أعدّ من المالكين الأساسيين الذين باعوا هذه المساحات، استناداً إلى هذه المخططات كحصص سهمية، وذلك قبل دخول هذه العقارات المخطط التنظيمي، حيث بقيت حصة سهمية في هذه العقارات للمالكين الأساسيين تغطي المساحات غير المبيعة.
دخولها المخطط التنظيمي
وكان قد صدر بتاريخ ١٦/٧/١٩٨٥ القرار الوزاري رقم / ١٠٤٦ / ق الذي بموجبه أدخلت هذه العقارات المخطط التنظيمي لمدينة طرطوس، حيث خضعت تلك العقارات للقانون رقم / ٦٠ / لعام ۱۹۷۹ الذي كان نافذاً حينها ولم يتم استملاكها آنذاك.
إصدار قانون التوزيع الإجباري
وتابع زغيبي: بعد ذلك صدر القانون رقم /٢٦ / لعام ۲۰۰۰ المعدل للقانون رقم / ٦٠ / لعام ۱۹۷۹ والذي أعطى الصلاحية للوحدات الإدارية في مدن مراكز المحافظات بتطبيق الباب الثاني من قانون تقسيم وتنظيم وعمران المدن رقم /٩/ لعام ۱۹۷٤ على العقارات الواقعة ضمن مخططاتها التنظيمية المصدقة قبل صدور القانون رقم /٢٦/ لعام، وبحكم الوضع القائم على هذه العقارات (وجود مخالفات جماعية)، صدر قرار مجلس مدينة طرطوس رقم /٣٠/ تاریخ ۲۰۰۳/۳/۲۰ المتضمن الموافقة على تطبيق الباب الثاني على هذه العقارات وفق أحكام الباب الثاني من القانون رقم /۹/.
لجنة لحل الخلافات
وبموجب هذا المرسوم تمت دعوة مالكي العقارات المذكورة وأصحاب الحقوق العينية للاطلاع عليها والتصريح بحقوقهم، وعلى كل من له بالعقارات المذكورة علاقة أصالة أو وصاية أو وكالة أن يقدم إلى مجلس مدينة طرطوس بياناً يبين فيه ادعاءه بالملكية, فتقدم عدد من المواطنين بادعاءاتهم، وبناء على الادعاءات المقدمة تم تشكيل لجنة لحل الخلافات، التي نظرت بكل الادعاءات بالملكية أو بالمنازعات العينية والدعاوى المتعلقة بعقارات المنطقة التنظيمية.
وبيّن زغيبي أنه بذلك أصبحت الملكيات المدونة كحصص سهمية على بيان القيد العقاري هي المرجع الأساسي لعمل لجنة التوزيع الإجباري، ووفقاً لذلك سيتم الفرض على مالكي العقارات التنازل عن نسبة من المساحة التي يملكونها تعادل نسبة المقتطع للملك العام من أجل الساحات والمشيدات العامة، وبالتالي سيحصل نقص لكل مالك في مساحته التي يملكها ويشغلها في آن معاً تعادل في قيمتها النسبة المقتطعة من أجل الملك العام .
اعتراض على المشروع
زغيبي نوه إلى أن لجنة التوزيع الإجباري قامت بتاريخ ٨/١٢/ ٢٠٢٤ بتوزيع المقاسم وفق أسس واعتبارات، وقام مجلس بلدية طرطوس بتقديم اعتراض على مشروع التوزيع الإجباري إلى اللجنة المشكّلة لإعادة النظر بالقيم التي صدرت في 20/8/2024 والتي رآها مجحفة بحق المواطنين، وبيّن في الاعتراض أن المدينة كانت راغبة بتطبيق التنظيم للعقارات بوضعها القائم لحل الإشكالية الاجتماعية ووجود عدد كبير من الأهالي الذين يشغلون هذه العقارات، مؤكداً أن المجلس استجاب لمطالب الأهالي الذين قاموا بمراجعتنا مرات عديدة خلال فترة تطبيق إجراءات التنظيم وقبل وخلال فترة الاعتراض على مشروع التوزيع المعد بتاريخ ٢٠٢٤/٨/١٠.
وأشار زغيبي إلى أن المالكين اشتروا منذ عشرات السنين المقاسم المعدة لهم، وكل اعتقادهم بأنهم اشتروا مقسماً كاملاً ومخدماً بالمرافق العامة والطرقات، وللأسف معظمهم لم يستشر قانونيين في ذلك الوقت.
ضياع حقوق وقيم تخمينية ظالمة لاستملاك سكان الحي عقاراتهم
لا ذنب للمالكين
وبيّن أن اللجنة قامت بتخمين قيم المقاسم وحصرها باثنتي عشرة فئة، الأمر الذي جعل الفروقات بينها كبيرة، وبالتالي ترتب على المالكين الذين تم تخصيصهم بمقاسم مرتفعة القيمة تعود بالضرر على المالكين، وبالتالي يجب إعادة النظر فيها وتخمينها وفق الأسس المعتمدة عند صدور مرسوم إحداث المنطقة، لأن التأخير الحاصل في إجراء أعمال التوزيع لا ذنب للمالكين به، ومن جهة أخرى يجب إعادة النظر بتصنيف هذه المقاسم، وجعل الفروقات بين المقاسم لا تتجاوز ما نسبته 30% من قيمة أدنى مقسم، لأن معظم المالكين في المنطقة هم في الوقت نفسه شاغلون لهذه المقاسم.
مجلس مدينة طرطوس: نتمنى أن يؤخذ بالاعتراض لإنصاف المالكين وتصحيح القيم التخمينية
تخفيف الأعباء المالية
وتمنى زغيبي عدم المبالغة بتعويض لجنة التوزيع الإجباري من أجل تقليل الأعباء المالية المترتبة على المالكين قدر الإمكان، وحصر النفقات الحقيقية التي تحتاج إليها المنطقة المذكورة بالبند رقم /ب/ من المادة رقم /٤٤/ من القانون رقم / ٩/ لعام ١٩٧٤ المطبق ببابه الثاني على هذه العقارات بدلاً من اقتطاع نسبة (٥٪) من قيمة المنطقة، وأيضاً الأخذ في الحسبان تسلسل الملكيات والتبدلات الطارئة على العقارات الواجب على اللجنة مراعاته عند تخصيص المقاسم ومراعاة المالكين الذين قاموا بتشييد الأبنية على مقاسمهم منذ زمن طويل وبتخصيصهم بكامل مساحة هذه المقاسم ومن دون إشراك أي من المالكين الجدد غير الشاغلين لهذه المقاسم، وأن مبدأ العدالة يوجب مراعاة المالكين حسب أقدميتهم، لأن كل مالك فيهم قد اشترى بعد معاينته للموقع وبالتالي هو يعلم كل الآثار القانونية المترتبة على شرائه، لجهة أن المالك الأسبق هو الأحق بالتفصيل، ولاسيما أن المشرّع بموجب أحكام القانون رقم / ۹ / لعام ۱۹۷٤ أخذ بعين الاعتبار مراعاة وضع اليد حرصاً منه على ضمان الحقوق المكتسبة منذ تاريخ الشراء وتفضيلها على الحقوق المشتركة لاحقاً، وعدم تكليف المالكين المستوفين للمقاسم التي يشغلونها سوى بمقدار حصتهم في المنطقة، وذلك من قيمة النفقات الإدارية المترتبة على أعمال التوزيع الإجباري، وفي حال عدم استيفاء المالك مساحة المقسم المخصص له يتم تكليفه بقيمة النقص بالمساحة وفق ما تقتضيه اللجنة من دون المبالغة بالقيم.
وأخيراً تمنى زغيبي أن يحظى الاعتراض بإعادة النظر بالقيم التخمينية وتصحيحها وصولاً لإنصاف المالكين وعدم ضياع حقوقهم.