الأرض كرة ملتهبة.. في العصر الأمريكي
تقرير – راتب شاهين:
جعلت «زعامة» الولايات المتحدة الأمريكية للعالم، الأرض كرة ملتهبة من الحروب والنزاعات التي لا تهدأ ولا تقفل على نهايات جيدة، بل تترك مفتوحة لرياح السموم، حيث لا تكاد تهدأ حتى تشتعل من جديد.
المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، حذر في تجمع انتخابي في كاليفورنيا من أنه بسبب الحكومة الأمريكية الحالية يمكن أن تبدأ حرباً عالمية ثالثة في غضون أشهر قليلة فقط، لكنه ترامب يتجاهل أن معاركها قد بدأت منذ ولايته السابقة، وليس كما قال: «في غضون ثلاثة أشهر ونصف إلى أربعة أشهر، سنجد أنفسنا في حرب عالمية بسبب الأشخاص الذين لدينا».
العالم في الظل الأمريكي لم يغادر الحرب، ما إن انتهت شكلياً الحرب العالمية الثانية، حتى بدأت الحرب العالمية الباردة وما تخللتها من معارك ساخنة – إن كان في شبه الجزيرة الكورية بين الأشقاء أو في كوبا وأمريكا اللاتينية بين الولايات المتحدة وثقافات تلك الشعوب العريقة، وصولاً إلى الشرق الأوسط والحرب المستمرة بين الكيان الإسرائيلي والعرب على الأرض والتاريخ واللغة وعلى كل شيء، واليوم هي بؤر التوتر الساخنة نفسها، بل زادت بما يجري في شرق أوروبا وفي بحر الصين الجنوبي، والأدهى أن أمريكا خارجها جميعاً إلا بسلاحها وإدارتها لها أو في استثماراتها.
مشكلة السلام العالمي ليست في إدارة ديمقراطية في البيت الأبيض الأمريكي، بل هي في جموح أمريكا التي تريد امتلاك كل شيء حتى نور الشمس، فالحال لم يكن أفضل مع إدارة جمهورية، وهو نفسه دونالد ترامب عندما كان على رأس الإدارة الأمريكية، تسبب بمشاكل عدة للعالم، فألغى اتفاقيات دولية تضمن الحد الأدنى للسلم والأمن الدوليين، كما قصفت إدارته مناطق متفرقة من العالم لأسباب حتى هو ترامب غير مقتنع فيها.
على كل حال نعلم أن تصريحات ترامب وغيره في هذه الفترة من الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ما هي إلا في سياق التنازع على الأصوات مع منافسته كامالا هاريس، فقلب ترامب ليس على السِلم والأمن الدوليين، بل قلبه على السلطة التي نعلم أن واجهتها -أي الرئيس الأمريكي- ليس بيده كل القرار بل من يقبع في الظل -أي الدولة العميقة- بمصالحها التي لا حدود لها، والتي لا تروى إلا بإزكاء النزاعات والحروب.
أمريكا بماكينتها العسكرية والمالية والإعلامية تحرك العالم كيفما شاءت، لا يزال هذا هو العصر الأمريكي الذي يدوس كل ثقافات الشعوب، وخاصة التي امتهنت الاستكانة والتسويف أو التي تمرست على المراوغة، لكن على المقلب الآخر حيث الدول والقوى والأفراد وحتى الأفكار الثورية، لا يزال هناك بعض من نور ومن أمل بأن هناك ثقافة لا تتماهى مع ثقافة راعي البقر الأمريكي، حيث الإنسان قيمة القيم، لا كما تريد ثقافة رعاة البقر، حيث يساوي الإنسان ما بيده من مال ومن ثروة، وحيث الأمريكي يساوي ما بيده من فرواة للرؤوس الهنود الحمر أصحاب الأرض.