لفتة نظر..!

نظرة سريعة إلى واقع القطاع العام، والمراحل التي مرّ بها خلال العقود الماضية، نجده في معظمها في حالة ثبات مع مراوحة في المكان في كثير منها، وهذه ليست لقلة الحيلة وفنون التدبير, أو لعدم توافر الإمكانات، أو انعدام الإرادة الفاعلة المنخرطة بهذا الوسط أو غيره, أو حتى عدم توافر الخبرات والكفاءات والكوادر المتخصصة, بل على العكس لدينا خبرات كثيرة, تم “تطفيشها” بشكل تدريجي معظمه “ممنهج” استفادت منها فعاليات كثيرة خارج القطر وقليل منها داخله، لأسباب لا تحمل ذنوباً اقترفوها، أو مالاً سرقوه، وإنما هم أكثر فهماً وتبصراً وحكمة لقيادة العمل بتنوعه الإنتاجي والخدمي، وهناك الكثير من محطات النجاح وغيرها تشهد على حكمتها..!
وهذا الأمر لم يلقً رضى الكثير من “الوصوليين” ، الذين تتعارض مصالحهم الخاصة مع مفردات الحالة الوطنية التي تقود إنتاجية القطاع نحو نتائج أفضل.
لكن النتيجة الأخطر التي خلفتها تلك الحالة، حالة النفي الداخلي لكثير من الخبرات واستبعادها من مواقع العمل، ووضعها في أمكنة، تشبه ” البراد” في المؤسسات والشركات، دون تجاهل ما تحتويه مكاتب ودوواين الوزارات من خبرات تحت مسميات مختلفة، وحجج تفرض حالة جمود فكري أقل ما نقول عنها “مشلولة” دون تجاهل مفردة أخرى تحمل ذات المعنى والأهمية، تكمن في النفي الخارجي، أو بمعنى أصح ” الهروب” بإرادة صاحب الكفاءة أو بدونها، لأن إمكانية البقاء، ووسائلها سقطت في حسابات أهل المنفعة، والفاسدين، ومحاربتهم الرؤى والخطط والاستراتيجيات، التي وضعت خلال مراحل سابقة لتطوير القطاع العام” وخاصة الانتاجي منه” والدليل على ذلك لايحتاج لكثير من الأدلة لأن معظم الوزارات والمؤسسات تستحق أن تكون مثالاً حياً لمضمون كل ماذكر..!
لكن أخطر مكون يحتاج للمعالجة الفورية وإعادة النظر في تركيبته الإدارية والإنتاجية، وتصويب خبراته، واستقطاب ما استبعد من خبرات هو “القطاع الصناعي” لأنه المكون الأساسي الداعم لقوة الاقتصاد الوطني وعلى كل الجبهات، هذا من جانب، والجانب الآخر يُسجل فيه رقم قياسي في عمليات التهجير للكفاءات والخبرات قسراً أو طواعية..!
والمشكلة الأكثر خطورة في عملية التهجير وتدمير البنية الصناعية هي سياسة (( الأنا ورفض الآخر )) وهذه مرتبطة برأس الهرم الإداري والإنتاجي في القطاع العام وحتى أسفله, وعكس ذلك صحيح .!
وما أسهل إثبات ذلك، حيث هناك الكثير من الرؤى، وعشرات الخطط الخمسية، التي تحدثت عن تطوير المكون الإنتاجي، وتطوير القطاع العام بكافة مفرداته الاقتصادية والخدمية، كتبنا عنها الكثير خلال المراحل السابقة وحتى الحالية، لكن للأسف الشديد معظمه لم يثمر، والنتائج لاترقى إلى المستوى المطلوب لأسباب عديدة، منها على سبيل المثال لا الحصر عدم امتلاك الكثير من الإدارات المسؤولة رغبة في التنفيذ الحقيقية، والأخطر حالات الإلغاء التي تتم مع تغيير رأس الهرم في كل وزارة، وتطبيق سياسة العودة إلى نقطة البداية في كل خطوة، دون أن نتجاهل، قصة تهجير الكفاءات والخبرات والتي ظهرت أكثر خلال سنوات الأزمة الحالية وما رافقها من ويلات على القطاعات الإنتاجية، وقتل روح المبادرة لدى الكثير منها، وخاصة من فضّل البقاء على الهجرة, وفرض سياسة أرض الواقع، في التنفيذ مهما كانت النتائج..!
والسؤال هنا هل تستطيع الحكومة في ظل هذه الظروف الصعبة، استعادة البوصلة من جديد وتوجيهها نحو الاستثمار في الخبرات الوطنية لتحقيق إنتاجية أفضل، تكون داعمة للاقتصاد، وتحقق مردودية اقتصادية يستفيد منها الجميع..؟
القادم من الأيام وحده الشاهد على النتائج.

Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ملتقى البعث للحوار.. نحن على مفترق طرق وثقتنا بالنصر كبيرة.. سورية جزء ‏من المقاومة ‏ عقارات حي الطليعة في طرطوس انقلبت نقمة على أصحابها.. ضياع حقوق وقيم تخمينية ظالمة لاستملاك سكان الحي عقاراتهم مجلس مدينة طرطوس: نتمنى أن يؤخذ بالاعتراض لإنصاف المالكين وتصحيح القيم التخمينية ‏ وفاة حالتين من أصل ٢١ حالة مصابة بالليشمانيا الحشوية في درعا.. وخطة لمنع انتشار الداء تقلبات حادة بأسعار النفط والأسواق تراقب الشرق الأوسط وطلب الصين الجلالي يترأس اجتماعاً للجنة الخدمات والبنى التحتية.. تقديم تسهيلات لمشاريع ترميم المباني المتضررة من الزلزال في المدن القديمة والأسواق ‏التراثية الميدان يترقب أسبوعين حاسمين قبل 5 تشرين الثاني المقبل.. مسارات ثلاثة تحكم المشهد ‏الإقليمي ونقطة الفصل ستضعها الانتخابات الأميركية.. الكيان يسير إلى فشل مدوٍّ استشهاد رئيس بلدية النبطية وعدد من موظفي البلدية جراء غارات شنها طيران العدو ‏الإسرائيلي على ‏المدينة من إعلام العدو.. محللون إسرائيليون: حزب الله تعافى بسرعة والحديث عن تدمير ‏قدراته العسكرية ليس دقيقاً الطريقة الخاطئة لقياس ضغط الدم تهدد ملايين البالغين بين الحقيقة والزّيف.. الحرب مستمرة