التشكيل والأغنية نموذجان.. الإبداع سلاحٌ آخر في المعركة

تشرين- محمد خالد الخضر:

الثقافة هي المكون الحقيقي للمجتمع، فالمثقف هو الفرد المميز في بناء مجتمعه، ويساهم مع أمثاله في حضور القوة التي يحتاجها المجتمع في أي ظرف سواء كان إيجابياً أو سلبياً..
فلابد من وجود الأنواع الثقافية وأشكالها حتى تكون وجوداً داعماً حقيقياً.. وثمة شكل ثقافي أيضاً على غاية من الأهمية هو الفن التشكيلي الذي ترك أثراً نفسياً عميقاً في المشاعر الإنسانية، وخاصة عندما كان يعتمد على نزعة واقعية تعبيرية ولعبت بعض أشكاله وأنواعه دوراً كبيراً في مواجهة ثقافة الاحتلال، ومنها الكاريكاتير الذي ترك أهم رساميه المقاومين ومنهم الفنان ناجي العلي تاريخاً مميزاً لبطولته وتحديه وأثره بمشاعر الكثيرين من فلسطينيين وغيرهم.. وبعد ذلك تعرضه لكثير من المؤامرات التي شارك بها بعض الشعراء المتخاذلين وأمثالهم من فنانين وأدباء، وانتهت باغتياله ليكون شهيداً بطلاً سيظل ذكره مدى الزمن وإلى الأزل.
وهو الذي كان طول الوقت المحرض والمحرك لمن يحب وطنه وناسه ويرفض الاحتلال.. وظلت مقولات العملاء والتهديديات التي عرفت من بعض المثقفين مكشوفة ومفضوحة وهي حالة غريبة ولاسيما أن بعضها من ناس هم تحت نير الاحتلال.
ومن الفنانين التشكيلين الذي تمكنوا من كل أشكال الفن وأنواعه المبدع محمد الركوعي الذي خلد بفنه كثيراً من الكوارث التي قام بها المحتل، وصوّر هواجس ومشاعر مختلفة من الفلسطينيين وتراثهم وأصالتهم وعبر عن ضرورة تحرير الأرض وطرد المغتصبين، وتسببت رسوماته المؤثرة بأسره وتعرضه لأشد أنواع التنكيل والتعذيب وبعد تحريره لم تتغير حالاته النفسية وتربيته الوطنية التي اختلفت عن الكثيرين، فظل يرسم تراث فلسطين وتطلعات شعبه وناسه للتحرير محرضاً برسم ما يختلج مشاعره، وهذا النوع من الفن اختلف كثيراً عما رسمه بعض الذين كبر نزوعهم وهم تحت السيطرة إلى العشق والغزل وتمرير المخاطر عبر التجريد وتغيير ملامح الموهبة وهذا أمر نسبي.
ومن أهم مقومات ثقافة النضال هي الأغنية الوطنية التي تستحق الوقوف عندها وتترك حالات نفسية مؤثرة كما فعلت بعض الفرق الفنية التي غنت لفلسطين ولشعبها وهي متعددة والأغنيات التي تركها أبو عرب وجوليا بطرس وغيرهم في ازدحام الأغنيات التي لا هدف لها ولا لون.
وعلى المتلقي العربي أن ينتبه كثيراً ويأخذ حذره من الأغنيات التي تحمل في مضامينها مخزونات ترضي العدو وتشير إلى غبائه والغريب جداً هذا على البندقية التي حالت في يوم من الأيام بين (ريتا ومحمود درويش) وأصبحت أغنية (ريتا والبندقية) مثلاً يحتذى بها لانسياق الكثير وراء موجة التطبيع إلى حد حضرت فيها افتتاح احتفالات فلسطينية.. يا أهل القضية وكتاب وأدباء اليوم .. (ريتا) اسمها تمارى بن عامي، فلابد من أن تنزلوا بنادقكم المقاومة حتى تتبرمج حالة العشق.
نحن اليوم أمام أسوأ عدو عرفه التاريخ لا يؤمن إلا بموتنا وزوالنا أو تحويلنا إلى عبيد لا نفهم ولا نفرق ولا نرى.. وفي النتيجة لابد من أن ندرك أن المعركة أشدها وأصعبها هي المعركة الثقافية التي يخشاها العدو لذلك يبحث عن مدمرات الهوية والانتماء وأكثر ما يسعفه بهواه هو أن نغني عشقاً له وأن نغني ولا نرسم ولا نكتب للوطن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار