الاقتصاد الصهيوني بين التصنيف الائتماني والمؤشرات الرقميّة..
تؤكد المعلومات الاقتصادية ومن مصادر غربية أن مؤشرات الاقتصاد الإسرائيلي تتراجع وبأكثر من التوقعات، ويتجلى هذا في تخفيض التصنيف الإئتماني للاقتصاد الصهيوني، من قبل مؤسسات التصنيف الثلاث الأمريكية الأشهر في العالم (ستاندرد آند بورز – موديز – فيتش ) وبداية عملها قبل القرن /20/ وتسيطر على /95%/ من سوق التصنيف الائتماني في العالم، وتجدر الإشارة إلى ان الصين أسست سنة /1994/ مؤسسة خاصة بها وهي (مؤسسة دادونغ).
تعتمد هذه الشركات على مؤشرات تصنيفية/4/ تتراوح وحسب التسلسل ( AوBوCوD) وكل منها تتضمن درجات فرعية، فمثلاً الدرجة الأولى (A) تتوزع حسب قوة التصنيف من (A) ومن ثم ( AA) وآخرها ( AAA)، وبعدها ينخفض التصنيف إلى الدرجة (B وBBو( BBB وحتى الدرجة الأضعف وهي ( CCC) أي الدرجة المتعثرة في التصنيف، وتتراوح درجات التصنيف بين سلبية أو إيجابية أو غير مستقرة أو مستقرة ..الخ، وتعبر عن قدرة الاقتراض والمديونية، وقد خفضت هذه الشركات التصنيف الائتماني للاقتصاد الصهيوني ولمرتين خلال سنة /2024/ وفي الأسبوع الماضي خفض إلى (Baa) وقد يصل إلى درجة عالي المخاطر، وتراجع التصنيف الائتماني للاقتصاد الصهيوني بعد سنة من العدوان هو مؤشر جزئي تابع لمؤشرات كلية أساسية، والتصنيف الائتماني يعني تراجع الجدارة الائتمانية أي القدرة على الاقتراض من الدول والمؤسسات الدولية وأسواق التأمين مثل (صندوق النقد والبنك الدولي) وغيرهما.
تراجع التصنيف الائتماني الصهيوني يعود لتراجع المؤشرات الاقتصادية الكلية الإسرائيلية ونذكر منها: تراجع معدل النمو الاقتصادي من /3،5% / حسب صندوق النقد الدولي إلى/ 1،6%/ – تراجع الاحتياطيات النقدية بسبب ضخّها في السوق الإسرائيلية /30/ مليار دولار للمحافظة على قيمة سعر صرف الشيكل الذي فقد أكثر من /5%/ من قيمته – تراجع الأسهم وعمل البورصات بين /9و20%/ – زيادة خسائر القطاع المصرفي الصهيوني بمقدار /20/ مليار دولار – هروب الاستثمارات الأجنبية وبأكثر من /60/ ألف شركة- زيادة عجز الموازنة الإسرائيلية لأكثر من /9%/ بسبب تراجع الإيرادات وزيادة النفقات العدوانية والتي تجاوزت حتى الآن /80/ مليار دولار تشكل بحدود /15%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي الصهيوني – تراجع استثمارات قطاع التكنولوجيا للشركات الأجنبية بمعدل /30%/ مقارنة مع سنة /2023/ وتراجع قيم أسهمها بمعدل بين /15% و25%/ – زيادة معدل البطالة بسبب نزوح المستوطنين من المستوطنات وتسريح عدد كبير من الموظفين– تحويل بين /10و15%/ من العاملين للتجنيد والخدمة الاحتياطية – زيادة الدين العام لأكثر من /80%/ من قيمة الناتج المحلي الإجمالي ومنها /53/ مليار دولار بضمانات وتسهيلات أمريكية وهذه لا تتضمن المساعدات والهبات…إلخ، ما أثر على قيمة الإنتاج ومعدل الإنتاجية الصهيوني.
وهنا نسأل: هل تستطيع المساعدات الامريكية والغربية تحسين وضع الاقتصاد الصهيوني بنفاقها السياسي والاقتصادي؟ سواء كان من خلال الضغط على وكالات التصنيف لتغيير تقاريرها وخروجها عن مهنيتها كما فعلت أمريكا سنة /2010 / في عهد الرئيس (باراك أوباما) بالضغط على مؤسسة (ستاندرد أند بورز) لتغيير تقرير تصنيفها وخلال /24/ ساعة، وكذلك في عهد (دونالد ترامب) سنة /2018/ عندما تم تخفيض التصنيف الائتماني لأمريكا بسبب حجم ديونها المرتفع وعدم القدرة على السداد، وفعلاً تمت إعادة النظر بتقرير مؤسسة (ستاندارد أند بورز)، وحصل هذا أيضاً في /9/ دول أوروبية بعد الأزمة المالية العالمية سنة /2008/ ما أزعج (ألمانيا) قائدة الاقتصاد الأوروبي، فأنشأت وكالة تصنيف ألمانية خاصة بها، فهل ستقوم الدول الناتوية بزيادة مساعداتها للاقتصاد الصهيوني وزيادة الأصول الإنتاجية والمالية الصهيونية أو شراء سندات الشتات اليهودية لتحسين سعر الصرف الحالي للشيكل وتثبيته والمحافظة على سعر الفائدة لإعادة ثقة المستثمرين والمستهلكين والخروج من حالة عدم اليقين الاقتصادية والسياسية؟ّ وهل تتحمل الحكومات الغربية مطالبات شعوبها بوضع حد للكيان الصهيوني والتقليل من دعمها له وهي من ضرائب مواطنيها؟
وعالمياً هل ستلوذ بالصمت القوى الكبرى (الصين وروسيا وإيران) وغيرها باستمرار العدوان في منطقة فيها /25%/ من احتياطيات النفط و/14%/ من الغاز العالمي.
ورغم كل ما سبق يزداد التعنت والبربرية لقادة الكيان الصهيوني ودعوة ( نتنياهو ) إلى (شرق أوسط جديد) وسمودريتش إلى (تغيير خارطة الكيان ليتوسع لحدود “إسرائيل التلمودية”، ليضم ( مصر والأردن ولبنان وجزءاً من سورية والسعودية والعراق)، وتجاهل القرارات الأممية، وخاصة /242 و338/ وغيرهما.
فهل يتحمل الاقتصاد العالمي وخاصة منظمة التجارة العالمية WTO، زيادة الأسعار بسبب ارتفاع التكلفة الناجمة عن التوتر في البحار والمحيطات وخاصة البحرين الأحمر والمتوسط وباب المندب والمحيطين الهندي والهادي وغيرها وتراجع سلاسل التوريد وارتفاع معدلات الضخم العالمية، وستزداد إذا حصلت الحرب المباشرة بين إيران و’إسرائيل”؟ أم سنشهد مفاجآت في الأيام القادمة وليس السنوات وهي حبلى بالمتغيرات وقد أعلن الفاشي نتنياهو بتغيير اسم الحرب من حرب (السيوف الحديدية) إلى حرب (يوم القيامة) وأعلن الحرب على كل من لا يخضع للإملاءات الصهيو-أمريكية، فإلى أين تتوجه المنطقة والعالم الذي رأى وشاهد نتنياهو وهو يحمل خريطتين للشرق الأوسط كترويج للمشاريع الصهيو-أمريكية ضد المشاريع الوطنية والروسية والصينية وغيرها، وأكثر تحديداً قطع الطريق على ممر الشمال- الجنوب الروسي والحزام والطريق الصيني ويمهد للممر الهندي الأمريكي؟ وهذا يؤكد أن الكيان الصهيوني هو قاعدة متقدمة لليبرالية والنيوليبرالية المتوحشة، ووراء كل حرب مصالح اقتصادية وإن لبسّت بلبوس ديني أو طائفي أو قومي.