رئاسيات أميركا.. سباق الإعلانات الانتخابية يُسجل إنفاقاً قياسياً من دون التأثير في «التعادل ‏المميت» بين ترامب وهاريس ‏

تشرين:‏
عن سلاح الإعلانات في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، نشرت «بي بي سي» تقريراً ‏مطولاً عرضت فيه لما تمثله الإعلانات من ثقل وضغط على الناخبين، حتى بالنسبة للذين ‏حسموا خياراتهم، أو للذين لديهم خيارات ثابتة، لمصلحة الديمقراطيين أو الجمهوريين.‏
فريق واسع من الناخبين يتحدث عن «هجوم» الإعلانات السياسية، وفريق آخر يصفه ‏بـ«القصف»، على الرغم من تثبيت برنامج حظر لموقع «يوتيوب» واختيار عدم مشاهدة ‏قنوات تلفزيون الكابل، ومع ذلك يستمر ظهور الإعلانات بشدة، بمعدل ثلاثة إلى أربعة ‏إعلانات في خمس دقائق فقط. وهذا ينسحب على كل وسائل الإعلام، المرئية والمسموعة، ‏وحتى إعلانات الشوارع، وفي رسائل البريد.‏
ولا يمانع الناخبون الإعلانات السياسية لكنها سجلت رقماً قياسياً في السباق الرئاسي الحالي، ‏فهي لا تتوقف، إنها في كل مكان.. يقول الناخبون. ‏
وحسب التقديرات فإنه من المتوقع إنفاق أكثر من 10 مليارات دولار على الإعلانات السياسية ‏في هذه الانتخابات، أي ما يزيد بنحو 20-25 في المئة عن انتخابات 2020 – وهي دورة ‏قياسية في حد ذاتها – اعتماداً على المستشارين.‏
ويتم توجيه معظم هذه الأموال بشكل أساسي نحو مجموعة من الولايات الحاسمة التي تشتد ‏فيها المنافسة والتي من المتوقع أن تقرر نتيجة الانتخابات، وستستحوذ ولاية واحدة فقط على ‏مليار دولار وهي: بنسلفانيا، وفي المرتبة الثانية ستحل ولاية كيستون بـ 935 مليون دولار ‏من الإنفاق الإعلاني، منها 450 مليون دولار خلال المنافسة الرئاسية بين الرئيس السابق ‏الجمهوري دونالد ترامب، ونائبة الرئيس الديمقراطية كامالا هاريس، وفقاً لشركة الأبحاث «آد ‏إمباكت ‏AdImpact‏».‏
وحسب استطلاعات الرأي فإن نسبة ضئيلة فقط من الناخبين، حوالي 3 في المئة، لم ‏يحسموا أمرهم، وهي النسبة الأقل في الانتخابات التاريخية.‏
لكن الاستطلاعات تشير أيضاً إلى أن ترامب وهاريس محصوران في «تعادل مميت»، ما ‏جعل بعض الناخبين حتى من حسموا قرار التصويت يعبرون عن استيائهم وعدم اليقين، ما ‏يثير احتمال حدوث مفاجأة في يوم الانتخابات.‏
وتقول إيريكا فاولر، أستاذة الدراسات الحكومية في جامعة ويسليان والمديرة المشاركة ‏لمشروع ويسليان ميديا: إن الإعلانات في الانتخابات الرئاسية «لا تكون مهمة عادة» إلا على ‏الهامش، لكن إذا كان هذا الهامش «مؤثراً في اللعبة» فإنه يكتسب أهمية كبيرة في النتيجة ‏الإجمالية.‏
‏- ماذا تقول أحدث الأرقام؟
إذا كان نجاح الانتخابات يتحدد بالدولارات وحدها، فيمكن إعلان هاريس الفائزة من الآن، حيث ‏كانت حملتها وحملة الرئيس الحالي جو بايدن قبل انسحابه من السباق، تتفوق بشكل كبير ‏على ترامب في جمع الأموال والإنفاق.‏
وفي بداية أيلول الماضي، كان لدى هاريس 235 مليون دولار في البنك، أي ما يقرب من ‏ضعف المبلغ الذي تملكه حملة ترامب الذي لم يتجاوز 135 مليون دولار.‏
وأنفقت حملتها حوالي 135 مليون دولار على المنتجات الإعلامية وعمليات شراء الإعلانات ‏في الشهر السابق، أي ما يمثل حوالي 80 في المئة من إجمالي 174 مليون دولار من النفقات ‏في آب، وهي أحدث الأرقام الرسمية المتاحة، وفقاً للإيداعات الفيدرالية.‏
هذا الرقم يفوق ضعف ما أنفقته حملة ترامب على الإعلانات والبريد في الشهر نفسه، ولم ‏يتجاوز إنفاق ترامب 57 مليون دولار، حتى إن إجمالي ما أنفقته حملته بلغ فقط 61 مليون ‏دولار، أي مازال أقل من نصف ما أنفقته حملة هاريس في شهر واحد.‏
ومع ذلك الانتخابات تتعلق بأكثر من مجرد نتيجة نهائية.‏
في انتخابات 2016 و2020، كان ترامب أيضاً الأدني في الإنفاق، لكنه هيمن على العناوين ‏الرئيسة، ما منحه تغطية مجانية ساعدت في تضييق الفجوة، وفقاً لفاولر التي ‏تضيف: منذ أن أصبحت هاريس مرشحة، يبدو أنها أوقفت تقدم ترامب في الصحافة الحرة، في ‏حين واصل الديمقراطيون الإنفاق بشكل أكبر.‏
وتتابع: على مدار بضعة أسابيع «في أيلول» كانت هاريس تنفق أكثر من ترامب على ‌‏«فيسبوك» و«إنستغرام» بمعدل حوالي 16:1. وتؤكد فاولر أنها «لم ترَ مثل هذه الهوامش ‏من قبل» لكن عندما نأخذ في الاعتبار الإنفاق من جانب المجموعات الخارجية، تضيق الفجوة ‏بين ترامب وهاريس.‏
وحسب جيف بيريرا، رئيس المحتوى والرؤى في مجموعة «ميديا رادار سي إم إيه سي ‏Media Radar CMAC‏» فإن «ترامب ربما يقامر، بناء على الخبرة السابقة واستطلاعات ‏الرأي الضيقة بأن الإعلانات التجارية لن تكون العامل الحاسم».‏
وتزعم الجماعات المؤيدة لترامب التي يدعمها بعض من أغنى مؤيديه، مثل لجنة العمل ‏السياسي الأميركية التابعة لإيلون ماسك، بأنها تخطط لتوجيه إنفاقها إلى مجالات أخرى، مثل ‏تشجيع الناس على الإقبال على التصويت.‏

ويضيف بيريرا: كان ترامب الأقل إنفاقاً في انتخابات 2016 و2020، كما أنه أقل إنفاقاً إلى ‏حد أكبر في هذه الدورة، على الأقل حتى الآن.. فهل سيكون لذلك أي تأثير؟
ويجيب: بالقراءة بين السطور، فإن ترامب قد لا يكون بحاجة لها بالضرورة.‏
هنا يبرز سؤال: هل من رد فعل عكسي للحملات الإعلانية الانتخابية؟
بشكل عام، تعزز الدعاية – التي يقوم بها المرشح – الإقبال على التصويت من جانب المؤيدين ‏وهذا ما يجعلها مهمة بشكل محتمل في ولايات مثل بنسلفانيا، حيث تشير استطلاعات الرأي ‏إلى أن الفوارق ستكون ضئيلة.‏
وحسب كاميرون شيلتون أستاذ الاقتصاد السياسي في كلية كليرمونت ماكينا، فإنه إذا لم يتم ‏التركيز على هذا الأمر فإن الإعلانات السياسية قد تأتي بنتائج عكسية. ‏
ويقول شيلتون حول انتخابات 2012 و2016: إن الإعلانات السياسية مثلما تساعد في دفع ‏المؤيدين للتصويت فإنها كانت من المرجح أن تدفع المعارضين أيضاً إلى صناديق الاقتراع ‏لأنها تثير غضبهم. ويضيف: الإعلانات لا تقنع.. ما يحدث هو أن الإعلان يدفعك فقط نحو ‏تصوراتك المسبقة. ويتابع: إذا كان هناك جمهور متوازن، يبدو الأمر وكأنك تزيد من ‏أصوات الجانب الآخر بقدر ما تزيد من أصواتك.‏
وخلال الصيف، ركزت إعلانات الحملة على قضايا مهمة لقاعدة كل مرشح: الهجرة لترامب ‏والرعاية الصحية والإجهاض لهاريس.‏
لكن في الأسابيع الأخيرة، اكتسب الاقتصاد المزيد من التركيز، وهو يمثل قضية ذات أهمية ‏للناخبين في كلا المعسكرين، ومن المعروف أن ترامب والجمهوريبن يتمتعون بميزة تاريخية ‏في هذه القضية.‏

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار