ترامب وهاريس تعادل بانتظار «الخطأ القاتل».. عدٌ عكسي على مسارين أميركي وشرق أوسطي.. والمفاجآت لاتزال واردة
تشرين:
أيام قليلة ويبدأ العد العكسي للانتخابات الرئاسية الأميركية ومعها عد عكسي آخر فيما يخص التوقعات التي تقول إن حرباً كبرى مؤجلة في الشرق الأوسط تنتظر نتائج هذه الانتخابات.. والذي ينتظر هنا هو الكيان الإسرائيلي الذي يرى أن فرصه لتحويل هزائمه إلى انتصارات هي مع فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب. وحسب سيل الأخبار التي تنشر وتترافق مع الحملات الانتخابية الأميركية لكل من ترامب ومنافسته الديمقراطية كامالا هاريس فإن ترامب لن يتردد في دعم الكيان الإسرائيلي بتوسيع جبهة الحرب إقليمياً، خصوصاً باتجاه إيران (والمشاركة فيها إذا اقتضى الأمر) إلى جانب تعميق الجبهات الحالية، وبما لا يترك للتسويات مكاناً، وهذا ما يريده الكيان، لأن أي تسوية ستأخذ في الاعتبار هزيمته وليس ما عممه من قتل ودمار.
علماً أن هاريس لا تختلف كثيراً عن ترامب في هذه المسألة باستثناء أن المسار سيكون أبطأ.. ومن يدري ربما تأتي المفاجأة من هاريس وبما يقلب كل التوقعات، لتكون فرص الكيان مع هاريس أيضاً؟
وحتى يأتي اليوم الأميركي الموعود فإن الكيان الإسرائيلي يواصل تمهيد ميدان الحرب الكبرى، وأياً يكن الفائز في الانتخابات الأميركية سيجد نفسه أمام حتمية اتخاذ قرار سريع واضح ورسمي فيما يخص الوضع في الشرق الأوسط، وقد يكون هذا القرار هو الأول للإدارة الأميركية الجديدة.
بكل الأحوال، ورغم أن أقل من شهر يفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، إلا أن المفاجآت لا تزال واردة ربطاً بالتعادل الذي ما زال مسيطراً بين ترامب وهاريس، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى كل ولاية، ليصبح النزال الانتخابي «أشبه بعراك بالأيدي» كما بات الإعلام يصفه، معتبراً أنه بات لكل صوت أهميته الكبيرة، وكل ناخب يستميله أحد الطرفين ما يمكن أن يساعد في توجيه الضربة القاضية للطرف الآخر، حسب مقتضيات الفارق الضئيل جداً الذي سيحقق الفوز النهائي، إما لترامب أو هاريس.
وبينما يسعى خبراء الحملة الانتخابية إلى تحقيق ذلك الفارق، فإن خطأ بسيطاً يرتكبونه في فعالية واحدة، قد يقلب الأمور رأساً على عقب، ويغير الموازين في الأسابيع الأخيرة.
ولنذكر هنا بالعديد من التقلبات السياسية الصادمة التي رافقت السباق الرئاسي منذ انطلاقه عملياً بداية هذا العام 2024، وأبرزها انسحاب الرئيس جو بايدن لمصلحة نائبته هاريس، ومحاولتا اغتيال فاشلتان لترامب.
ولكن عندما تأتي المفاجآت في تشرين الأول، لا يكون للمرشح ما يكفي من الوقت لاسترجاع طاقته بعد أي هفوة أو تعثر، كما كانت الحال عندما حصل ترامب على الرسائل الإلكترونية التي بعثت بها هيلاري كلينتون في 2016.
وقد وقعت خلال هذا الأسبوع العديد من «الشجارات» التي قد تتحول إلى عواصف سياسية في يوم الانتخابات، في الخامس من تشرين الثاني المقبل.
أولى العواصف تتمثل في إعصار هيلين (الأسبوع الماضي) الذي ضرب مقاطعتين أساسيتين هما جورجيا وكارولينا الشمالية، ليتحول إلى قضية سياسية حازت تركيز الحملة الانتخابية في الولايتين، مع عدد ضحايا وصل إلى 200 حتى الآن.
وتعهدت هاريس بمساعدة طويلة الأمد للمنطقة، عندما زارت جورجيا مطلع هذا الأسبوع، لتلتقي يوم السبت الماضي بالمنكوبين من الإعصار في كارولينا الشمالية.
بالمقابل، تعمد ترامب استحضار أوكرانيا في سياق الإعصار، منتقداً تخصيص ما يقرب من 300 مليار دولار لأوكرانيا وسط كارثة طبيعية في الولايات المتحدة، وقال في مقابلة مع «فوكس نيوز»: استثمرنا ما يقرب من 300 مليار دولار في أوكرانيا، وفي الوقت نفسه يعرضون (إدارة بايدن) على الناس 750 دولاراً لتلبية الاحتياجات الطارئة فيما يتعلق بأقوى إعصار شهدناه.
وفي زيارته إلى جورجيا، قال ترامب: إن الأميركيين لا يجدون أموال المساعدة في حالات الطوارئ لأنه تم إنفاقها على المهاجرين.
واتهمت إدارة بايدن الجمهوريين ومرشحهم ترامب بنشر الأكاذيب بشأن تمويل التكفل بالمتضررين من الكوارث الطبيعية، لأن أموال المساعدات في حالة الطوارئ منفصلة عن ميزانية الإنفاق على المهاجرين، فعندما تحدث الكوارث ليس من السهل على الحكومة أن ترضي الجميع، كما تضيف إدارة بايدن.
وإذا نجحت انتقادات ترامب في إقناع الناس فإن أي ناخب متذمر من جهود الإغاثة يمكنه أن يؤثر في نتيجة الانتخابات، في الولايتين الأكثر متابعة في البلاد، حيث تظهر استطلاعات الرأي في كليهما حظوظاً متساوية لكل من ترامب وهاريس.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، وبينما تقدم هاريس نفسها على أنها مرشحة التغيير، فإنها لم تنأ بنفسها عن الإدارة الحالية فيما يتعلق بالسياسات الأميركية – الإسرائيلية، التي لها مخاطرها.
ولم يكن حديث بايدن يوم الخميس الماضي مطمئناً، إذ قال: لا أعتقد أن حرباً شاملة ستندلع.. أعتقد أنه بإمكاننا تجنب ذلك.. ولكن أمامنا الكثير من العمل.
والحرب لها تداعياتها أيضاً على الديمقراطيين، على الرغم من أن الأميثركيين لا يفكرون مباشرة في السياسة الخارجية عندما يدلون بأصواتهم. ويسبب التزام هاريس بمواصلة تزويد «إسرائيل» بالأسلحة مشكلة لها مع وجود مكونين اثنين بين الناخبين الديمقراطيين، هما العرب الأميركيون في ولاية ميشيغان التي تسعى للفوز فيها، والناخبون الشباب في الجامعات، حيث يُحتمل أن تعود الاحتجاجات المناهضة للحرب إلى نشاطها.
هذا عدا المخاوف المالية في العالم التي يثيرها احتمال مواجهة أوسع بين «إسرائيل» وإيران، خصوصاً لناحية استهداف المنشآت النفطية، بما يرفع أسعار النفط إلى مستويات كارثية، ومن المعروف أن أكثر ما يشعل بال المستهلك الأميركي هو ارتفاع أسعار الوقود.
أما فيما يخص الاقتصاد المحلي، فقد حملت الأيام الأخيرة لهاريس، أخباراً جيدة لناحية احصائيات نمو الوظائف وهبوط نسبة البطالة إلى 4.1 بالمئة.
بالمقابل فإنه بالمدى الأوسع، لا تقتصر اهتمامات الناخبين فقط على إحصائيات البطالة «فعندما يشتكي الأميركيون من الاقتصاد فهم في الواقع يشتكون من الإخفاق على المدى الطويل في بعض أنحاء البلاد مثل المناطق الريفية التي انقرضت فيها الصناعة، وهذه هي مناطق البلاد المتضررة حتى في الأوضاع الاقتصادية الجيدة»، وفق المحللين الاقتصاديين.
وفي أغلب فترات الحملة الانتخابية، حقق ترامب نتائج أفضل من هاريس فيما يتعلق بمن يعتقد الناخبون أنه الأقدر على تحسين الاقتصاد، بما في ذلك استطلاع أخير أجرته «سي إن إن».
مع ذلك فإن تقدم ترامب في هذا المضمار ليس مضموناً، إذ تظهر المؤشرات أن ترامب وهاريس متعادلان أيضاً في يخص القدرة على التعامل مع التضخم والأزمات الاقتصادية الأخرى المحتملة.
يأتي ذلك في وقت لا تزال فيه قضية اقتحام مقر الكونغرس (الكابيتول) في كانون الثاني الماضي، تلاحق ترامب، وتجعله في وضع غير مريح بشكل عام، خصوصاً بعد أن كشف أحد القضاة الفيدراليين وثيقة تتضمن أدلة ضد ترامب في هذه القضية، لناحية تشجيعه أنصاره على هذا الاقتحام في محاولة لقلب نتائج انتخابات عام 2020 التي فاز فيها منافسه بايدن.
وتتضمن الوثيقة، التي تطالب بعدم منح الحصانة الرئاسية لترامب، تفاصيل عن تصريحاته وتصرفاته قبل اندلاع أعمال الشغب.
وكان استطلاع للرأي أجرته مؤخراً «سي إن إن» قد كشف أن الناخبين يفضلون هاريس على ترامب فيما يخص قضايا «حماية الدميقراطية» بنسبة بلغت بين 47 و 40 بالمئة، فكل شيء يذكر الناخبين بالأسابيع الأخيرة من فترة ترامب الرئاسية يمكنه أن يخدم الديمقراطيين ومرشحتهم كامالا هاريس.