لغتنا الجميلة تستصرخ أهلها

تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:

لا أذيع سراً حين أقول: أجمل الأوقات تلك التي أقضيها في البيت مع الكتب التي تزخر بها ‌‏مكتبة البيت الأنيقة، وربما الأجمل تلك السويعات التي أسقي بها أشجار النخل والتين والرمان ‌‏والكروم والحناء وشجيرات الورد الندية.. وحين تساعدني زوجتي تقول لي: الأشجار أعطتنا ‌‏من ثمرها أعطها من الماء العذب فهي لا تستحق أن تعطش.‏

وفي نفسي أقول: شأنها شأن اللغة العربية، كم أعطتنا وزينت أقلامنا، وبها كتبنا وفاخرنا ‌‏وتغزلنا ونلنا المعالي والشهادات، وقد سكبنا الشهد على لساننا شعراً ونثراً وموشحات، لكن ‌‏بعضنا يبخل عليها بزخة مطر من سحائب العشق والمروءة والشهامة العربية تسقى بها ‌‏شجرتها التي حاق بها العطش، واشتداد عواصف العجمة والتجاهل والجحود عليها من بلدانها ‌‏العربية، إنها لغة الحب والجمال والقرآن وسحر البيان، ولغة الشعر والشعراء حادي ركبهم ‌‏المتنبي الذي ملأ الدنيا بشعره ما بين بغداد ودمشق والقاهرة، هذه اللغة الجميلة التي نطقها ‌‏نصف مليار عربي، تقف اليوم شامخة تستصرخ كل الناطقين بها من المحيط الأطلسي ‏وحتى ‏الخليج العربي ليدافعوا عنها وعن قدسيتها وأصالتها ضد أعنف هجمة أمريكية- ‏صهيونية على ‏أهلها والناطقين بها، في فلسطين ولبنان وغزة وسورية، وتدمير معالم الحياة ‏العربية في كل ‏الأقطار العربية، وهي ليست بالهجمة الأولى على معالم اللغة العربية بل ‏سبقتها هجمات التتر ‏والمغول والروم والفرس قبل الإسلام، لكن هذه اللغة بقيت كما هي، ‏شامخة بحضارتها العربية ‏وتراثها الخالد.‏
وهل الجمال سوى حروف هواك
‏لغتي وكم أهوى بلوغ رضاكِ
أنت لسان العرب يا ضاد التقى
‏ومنارة الأنوار حين تراك
لغة البيان بمحكم الذكر الذي
‏أرسل به المبعوث حين حباكِ

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار