تشمل منجزات صحية وتعليمية وبيئية وإغاثية كبرى.. مبادرات المجتمع المحلي في مدينة النبك إرث شعبي ومثال يحتذى
تشرين- حسبية صالح:
تطورت مدينة النبك بشكل ملحوظ بفضل الأموال التي تدفقت من المغتربين، خاصة من دول الخليج، ما جعلها مدينة تضج بالحياة المدنية، وأهالي النبك معروفون بكرمهم ومساعداتهم منذ زمن بعيد، حيث كان التعاون والتضامن بينهم جزءاً من ثقافتهم فكانوا يتعاونون في مختلف المجالات، سواء في الأعمال الزراعية أو المناسبات الاجتماعية، هذه الروح الجماعية ساعدت المجتمع في مواجهة العديد من التحديات والصعوبات التي خلفتها الحرب التي تعرضت لها سورية من خلال المبادرات والمؤسسات الخيرية والمجتمعية التي تأسست في النبك.
مدير مشفى القلمون ورئيس مجلس أمناء مؤسسة العماد في النبك الدكتور إبراهيم العرسالي بيّن لـ”تشرين” أن مؤسسة العماد انطلقت لتكون منارة للعمل الخيري والتعليمي ووسيلة للتمكين وبلوغ الأهداف، وهي استمرار لنهج ومسيرة (خير وعطاء) لمؤسسها عماد عبد السلام عام ١٩٩٩، وتم إشهار المؤسسة في ٢ شباط ٢٠٢٣ حسب الأنظمة والقوانين السورية، بمجلس أمناء وإدارة تنفيذية وأعضاء فخريين من أصحاب الأيادي البيضاء.
ويضيف العرسالي: عملت المؤسسة على إعانة متضرري الزلزال ودعم الأسر بشكل موسمي في الأعياد والمناسبات وافتتاح المدارس وبداية الشتاء من خلال دعم أكثر من ٩٠٠ أسرة متضررة.
وفي السياق يقول العرسالي: من أهم أهداف المؤسسة دعم التعليم وذلك من خلال الدعم المادي للمدرسين والمدرسات في مختلف مدارس المنطقة، وتقديم الدعم المادي للطلاب من خلال تأمين القرطاسية وأدوات مختلفة، وأيضاً تقديم دعم شهري للطلاب الجامعيين، كما تقيم مؤسسة العماد كل سنة حفلاً تكريمياً لمتفوقي مدينة النبك في الشهادتين الثانوية والإعدادية، وفي هذا العام تم تكريم ٣٦ طالباً وطالبة وذلك تحقيقاً لأهداف المؤسسة في دعم التعليم، وكان التكريم برعاية وحضور وزير التربية الدكتور محمد عامر مارديني ومحافظ ريف دمشق أحمد إبراهيم خليل وأمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي المهندس رضوان المصطفى.
ويؤكد العرسالي أن المؤسسة تعمل على دعم المؤسسات الخدمية والجمعيات الخيرية، وساهمت في تكريم أهالي شهداء وجرحى مدينة النبك البالغ عددهم ١٧٥ شهيداً وجريحاً، وتسهم في العديد من الفعاليات الاجتماعية كفاعلية (إفطار صائم) في رمضان المبارك، والمشاركة في حملة النظافة التي شملت بعض مناطق المدينة.
ويشير العرسالي لأعمال المؤسسة في المجال الصحي حيث تم تجهيز قسم القثطرة وجراحة القلب، وقسم الطبقي المحوري المتعدد الشرائح في مشفى النبك بطاقة استيعابية تصل إلى ١٤ سريراً و٤ أسرّة عناية، وتجهيز أجهزة غسيل الكلية وغرفة عمليات جراحة تنظيرية، كما تقوم مؤسسة العماد بشكل متكرر بدعم المساعدات الطبية والدوائية ودعم المرضى من خلال المساعدة في تكاليف العلاج وغيرها.
واعتبر العرسالي أن الدعم الذي تقدمه المؤسسة جزء بسيط من الجهود التي تبذلها الكوادر الطبية في سبيل توفير الخدمات الصحية لجميع المواطنين.
وحسب العرسالي فقد تم تجهيز وتنفيذ قسم العلاج الفيزيائي والتأهيل النفسي والحركي في جمعية المجد لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى القيام بالعديد من المشروعات المتفرقة كمشروع ( تحية وهدية) لتأمين مستلزمات كبار السن والأشخاص أصحاب الهمم والاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أن المؤسسة تسير وفق أهداف دعم وتعليم وتمكين للمجتمع والمساعدة في تخفيف العبء عن الجهات العامة إيماناً بأهمية العمل التشاركي في هذه المرحلة المهمة التي تمر بها سورية.
إرث شعبي
“التعاون المجتمعي والأهلي في النبك إرث شعبي متوارث جيلاً بعد جيل، كلٌ حسب ما يملك من مال وعلم وجهد وخبرة”، بهذه العبارة بدأ طلعت الحفار عضو مجلس إدارة ومدير المكتب الإعلامي لمبادرة (معاً النبك أحلى) لـ”تشرين”، وهي مبادرة محلية خدمية تطوعية بامتياز تهدف إلى تحسين وتجميل مدينة النبك، وتأسست في ٢٠٢١/١/١٢ وتتضمن ٢٥٠ عضواً من مغتربين في الكويت والدمام والرياض ومغتربين في أوروبا ومقيمين في سورية يشكلون هيكلاً إدارياً كاملاً، من مجلس إدارة وممولين ومتطوعين، حيث يتم اقتراح المشروعات الأولية والمهمة التي تخدم المواطنين بهذه الظروف، ويتم اختيار المشروعات حسب الأهمية، وتبدأ اللجنة التنفيذية بعمل دراسة شاملة للمشروع وتحديد الميزانية اللازمة وتمويلها من ثم البدء بتنفيذ المشروع، وبعد القيام بتنفيذ المشروع نشكل لجنة لمتابعته بعد تنفيذه للحفاظ على استمرارية وجودة العمل.
ويضيف الحفار: من أهم المشروعات التي تم إنجازها، ترميم كل مدارس النبك وهي ٢٦ مدرسة ترميماً كاملاً من الباب الخارجي حتى عزل الأسطح والصفوف والباحات بدعم من رجال المبادرة وترميم المجمع التربوي ومركز تصحيح الامتحانات هذا على مستوى البناء، إضافة إلى دعم التعليم والمعلمين من خلال تقديم تعويض مالي كمكافأة للكوادر التعليمية، وتعويض نقل للمعلمين القادمين من خارج النبك، وتعويض سكن للمعلمين القادمين من المحافظات، ومكافآت مالية للمستخدمين والعاملين والحراس في المدارس، كما قمنا بتقديم دورات تخصصية مجانيّة لطلاب الشهادتين الثانوية والإعدادية.
وأوضح الحفار أن “معاً النبك أحلى”، قامت بدعم صندوق الشهداء التابع لمحافظة ريف دمشق، ودعم الدوائر الخدمية والحكومية في النبك من خلال المكافآت المالية للعمال النظافة والعاملين في المجلس البلدي وموظفي مشفى النبك وموظفي وحدة المياه والإطفاء والفرن الآلي.
ويؤكد الحفار أن النظافة أخذت حيزاً كبيراً من أعمال المبادرة، حيث قدمت ٨٠ حاوية قمامة و٣ جرارات حديثة و ٣ضواغط للقمامة و٣ عربات جر موصولة على الجرارات، وقامت المبادرة بترحيل آلاف الأطنان من القمامة والنفايات إلى خارج منطقة النبك لمنطقة تسمى الجبل الشرقي ثم تحويلها إلى حديقة بيئية بمساحة ٥٠٠٠ متر مربع.
وفي السياق يقول الحفار: قدمت المبادرة سيارة خاصة بشفط الصرف الصحي ومعدة ثقيلة لتنظيف الشوارع وصيانة لمعظم آليات البلدية وتعبيد الشوارع الرئيسية، ففي النبك قامت بتعبيد ٢٥٠ ألف متر مربع، مع رصف الأرصفة وبعض الساحات الرئيسية وإعادة البنية التحتية للصرف الصحي ولشبكة المياه وشبكة الهاتف قبل التعبيد، وتعزيل وتنظيف ١٣ بئراً جوفية، وتركيب المضخات اللازمة وحفر ٣ آبار جديدة لتغذية الشبكة الرئيسية وإنشاء خزان كبير لتخديم أحياء المدينة بالكامل، ودعم الكهرباء من أجل تشغيل الآبار من خلال بناء برج لمحول كهربائي باستطاعة ١٢٠٠، كما قامت المبادرة بتجهيز الكثير من الشوارع بأجهزة إنارة تعمل على الطاقة الشمسية، ودعم المشروعات البيئية من خلال تنظيم حملات تنظيف وتشجير وتجميل الأماكن العامة، حيث قامت بتشجير ٣٧٠٠ شجرة وإنشاء منتزه صيفي للعائلات ذات الدخل المحدود يستوعب لـ١٢٠٠ شخص وهو مخدم بمياه الشرب وجلسات بيتونية بين الأشجار ودورات مياه وتنوير كامل للمنتزه، والعمل على تعزيز الوعي المجتمعي عبر نشر ثقافة الحفاظ على البيئة وتشجيع السلوكيات الإيجابية، وتشجيع العمل التطوعي من خلال إشراك المجتمع المحلي في الأنشطة التطوعية المختلفة، ودعم الفئات المحتاجة عبر تنظيم حملات تبرع ومساعدات إنسانية، وتعزيز الروابط الاجتماعية عبر تنظيم فعاليات اجتماعية وثقافية تجمع أفراد المجتمع.
ووفقاً للحفار فإن للمبادرة أعمالاً خارج النبك، من خلال دعم متضرري الزلزال بتقديم ٦٠٠ مليون ليرة سورية نقدية وعينية بالتعاون مع التنمية السورية في الساحل السوري ومدينة حلب وريفها ودعم الأسر اللاجئة من المحافظات إلى النبك.
ويؤكد الحفار دعم السلطات المحلية والمنظمات، إضافة إلى وجود خطة واضحة وأهداف محددة والمبادرات التي تستمر على مدى طويل ما عزز نجاح المبادرة وساعد في تحقيق نتائج ملموسة أضافت المصداقية للعاملين على الأرض وللمغتربين والممولين المحبين لبلدهم والعاملين على تطويرها.