(١٠٠) لوحة نسجها خليط عمري في مهرجان أرسم حلمي التشكيلي الثامن.. رغم الحرب والدمار.. فتح نافذة صغيرة للأطفال ليطيروا بهم لعالم يستحقونه
تشرين – باسمة إسماعيل:
مَن يستطيع صنع إبتسامة على وجه طفل في ظل هذه الظروف كمن يغرس شجرة في أرض جرداء، ليعطيها الجمال والحياة، هذا ما ميز مهرجان (أرسم حلمي التشكيلي الثامن) عن سابقاته، باستقطابه عدداً كبيراً من الأطفال واليافعين، وإعطائهم المساحة لإخراج مكنوناتهم عبر لوحاتهم المشاركة في المهرجان، وما استوقفني بالدعوة من قبل القائمين على المهرجان هذه المقولة وهي الغاية المنشودة على ما يبدو من المهرجان: “رغم الحرب والدمار، رغم الحزن على كل ماحدث ومايحدث، نحاول أن نفتح نافذة صغيرة لهم لنطير بهم إلى عالم يستحقونه” .
تحليق إلى عالم يستحقونه
فعلى مدار ثلاثة أيام مابين (3 – 5) تشرين الأول في مقر جمعية أرسم حلمي الفنية بحي بسنادا في اللاذقية قرب ساحة العين الأثرية، شارك /53/ من الأطفال واليافعين والكبار بأكثر من /100/ لوحة، تراوحت الأعمار ما بين (3 – 59) سنة، وهذا الخليط العمري أعطى تنوعاً بموضوعات اللوحات وبالتقنية بالعمل حسب كل مرحلة عمرية، فالأطفال رسموا لوحاتهم بالألوان المائية والباستيل الزيتي، عبروا من خلالها عن حياتهم ومشاعرهم وانفعالاتهم تجاه ما يدور حولهم، بينما رسم اليافعون بأقلام الرصاص وألوان الأكريليك والمائي، لوحات الطبيعة الصامتة والبورتريه، كما قاموا بنسخ بعض اللوحات العالمية لفنانين عدة من أمثال إدغار ديغا – رينوار – سيزان وغيره.
كبار وصغار
أما الكبار فقد استخدموا تقنية الباستيل الزيتي وألوان الأكريليك، وتناولت لوحاتهم موضوعات متعددة، منها البورتريه والبحر والمشاهد الطبيعية بالإضافة إلى الطبيعة الصامتة.
تخلل المهرجان إلى جانب معرض الرسم معرض الأعمال اليدوية للسيدات، حيث شاركت أربع سيدات من مجموعة “رف” التي تضم صبايا وسيدات جمعية أرسم حلمي بمشغولات متنوعة منها، الكروشية والاميغرومي والحرق على الخشب والرسم على الزجاج والحصى والصدف البحري، تدوير القماش وتحويله إلى حقائب صغيرة مع قلادات من الحجر، ومجموعة أخرى من ست سيدات تنوعت معروضاتهن مابين الاكسسوار والكروشيه والحقائب والغذاء الصحي .
جديد المهرجان
وليس غريباً من القائمين على المهرجان إضفاء أفكار جديدة كل عام، فقد كان جديد المعرض مشاركة أطفال دورة /خيط وسنارة / التي أقيمت بالعطلة الصيفية بمجال الكروشيه وصنع دمى الاميغرومي، بمجموعة من منتجاتهم وخوضهم تجربة عرض المنتج والتسويق المباشر لدعمهم نفسياً ومادياً.
وتضمن المهرجان مجموعة من ورشات العمل للأطفال واليافعين تنوعت ما بين / الألعاب والاورغامي والكولاج/بإشراف المدربتين لين حسون ومايا الشب، وبدعم كامل من فريق أرسم حلمي التطوعي، كما شاركت السيدة رولا أسعد القادمة من مدينة بانياس بمسرح خيال الظل، حيث سلطت الضوء على العين الأثرية وبعض الهلاهيل التي كانت تمتاز بها المنطقة قديماً.
الوعي التشكيلي
تجاوز عدد الأطفال المشاركين بالورشات التي أقيمت بالمهرجان /300/ طفل وطفلة من أطفال الحي، وأطلقت كالعادة مسابقة الرسم بالمهرجان، تم الإشراف على المسابقة لجنة تحكيم مؤلفة من الفنان علي مقوص والدكتورة سوسن معلا والنحات ماهر علاء الدين، التي قيّمت الأعمال بناء على أسس الوعي التشكيلي المناسب لكل فئة عمرية، مشيدين بالمستوى الفني الجيد للأعمال الفنية من حيث النضج التشكيلي والمعرفي، وإدراكهم لعلاقة الظل والنور بدراسة الكتلة لإنجاز العمق البصري، كما قدمت جوائزها المالية الخمس عشرة جائزة ( 6 جوائز للأطفال – 6 جوائز لليافعين- 3 جوائز لفئة الكبار) السيدة سناء محمود مخلوف داعمة الأطفال والفن في مهرجانات الجمعية لعدة سنوات، وتم توزيع الجوائز عند الإعلان عن نتائجها ضمن حفل ختام المهرجان، الذي تضمن اسكتشات مسرحية قدمها أطفال الجمعية، بإشراف الفنانة المسرحية ريم نبيعة، بالإضافة إلى عرض أزياء خاص بأطفال الجمعية، حملت رؤية خاصة جسدتها رئيسة مجلس الإدارة الفنانة التشكيلية هيام سلمان، من خلال الاستفادة من مفردات الأطفال في لوحاتهم، لتتحول إلى لوحة مرسومة على الفستان أو التنورة أوالقميص.. لوحة تحمل روح الطفل صنعت بالألوان أو ببقايا القماش الملون .
عين الماء
وما يدعي للفرح والغبطة تناغم وتفاعل الأطفال المشاركين والأطفال القادمين للمهرجان، وكذلك اليافعين والكبار والمجتمع المحلي في الحي، مع برامج المهرجان الغني والمتنوع ما بين الرسم والمسرح والموسيقا.
الفنانة التشكيلية هيام سلمان رئيس مجلس إدارة جمعية أرسم حلمي الفنية صرحت لـ” تشرين” أن هذا المهرجان الذي افترق عن سابقاته بأنه أقيم بمقر الجمعية بحي بسنادا في اللاذقية، حمل الكثير من الخصوصية بسبب قربه من عين الماء الأثرية /سبيل الحوريات/ بالإضافة إلى الشراكة مع أفراد المجتمع المحلي، الذي نسعى من خلال مبادراتنا لاستقطاب أكبر عدد من أطفاله ويافعينه، ولم يتوان أفراد المجتمع المحلي مَن تقديم كل التسهيلات اللازمة والتعاون الكبير لنجاح المعرض، منذ الافتتاح وحتى حفل الختام الذي قدم في نهايته الشاب نضال حسن، وصلة موسيقية مميزة لتتماذج الموسيقا مع الفن التشكيلي مع العمل اليدوي، وأنشطة الأطفال مع عبق التاريخ وجمال الماضي المتمثل بوجود عين الماء بقرب الفعاليات المتنوعة.. وأضافت: كانت الخصوصية تتمثل في أن فريق أرسم حلمي التطوعي، قام بتلوين الجدران والأرصفة المحيطة بالجمعية، وتهيئة المكان بتنظيفه وتجميله ليكون جاهزاً لاستقبال المهرجان، بالتعاون مع الأهالي الكرام ومحبتهم تحولوا إلى شركاء في الفعالية، فكانت النتيجة فعل جمال ورقي وحضارة.