حرب تشرين التحريرية ملحمة بطولية سطّرها أبطال الجيش العربي السوري
تشرين- طلال الكفيري:
يستعيد السوريون في ذكرى حرب تشرين التحريرية المجيدة الانتصارات البطولية التي سطّرها وخطّ حروفها بواسل الجيش العربي السوري منذ 51 عاماً، وتحديداً في 6 تشرين الأول عام 1973، حيث استطاع ميامين الجيش العربي السوري ومع انبلاج شمس ذلك اليوم التشريني كسر شوكة الأعداء وتمريغ أنوفهم بالتراب، وذلك من خلال دك أوكار الأعداء وتدمير جحورهم وتحطيم أسطورتهم المزيفة التي تقول إن «الجيش الإسرائيلي لا يقهر»، فأرواح شهداء حرب تشرين انتقلت لتحيا وتنبض بأرواح شهداء اليوم، فمع مرورها لا بد لنا أن نستذكر بعض الأحداث البطولية التي سطّرها جنود الأمس آباء جنود اليوم.
بدايتنا كانت مع أحد الذين عايشوا هذه الحرب اللواء الطيار المتقاعد مجيد الزغبي الذي تحدث لـ«تشرين»: لقد اشتركت في كل المعارك الجوية الجزئية على الجبهة السورية إلى أن جاءت حرب تشرين التحريرية، وكان لي شرف المشاركة مع نسور الجو البواسل، حيث أثبت النسر السوري حينها مقدرته القتالية وتحديه لطائرات العدو، مضيفاً: إنه استطاع بمفرده إسقاط سبع طائرات للعدو طبعاً خلال أيام المعركة، أما تشكيله فقد تمكن من إسقاط 14 طائرة، وأضاف: منها طائرتان تحملان حكاية سأبقى أذكرها ما حييت، فالطائرة الأولى التي دخلت المعركة معها كانت من نوع «الفانتوم»، وذلك كان على ارتفاع 3000 متر وقد تابعنا التحليق حتى ارتفاع 7 كم في الجو، وبذلك أصبحت السرعة في حدود الانهيار فما كان من «الفانتوم» إلا أن انهارت باتجاه الأرض وأنا تابعت الطيران خلفها لتحقيق فرصة التسديد عليها، عندها قمت بإطلاق المدفع وإسقاطها، أما القصة الثانية التي ما زلت أذكرها، فهي أثناء تنفيذ طلعة جوية انطفأ المحرك في الجو، وكان من الممكن إعادة الاستدارة في الجو بعد القيام بعدة محاولات، وعندها تلقيت هجوماً من طائرتي «فانتوم» فدخلت في اشتباك مع إحداهما وتابع قائد فوج الفانتوم هجومه علي وتمكن من إصابتي، وعندها قررت الخروج من الاشتباك باتجاه الأعلى ومغادرة الطائرة لأنني لم أعد قادراً على الاستمرار، وفجأة رأيت محرك طائرتي بدأ يعمل، وشاهدت الطائرة التي أصابتني على بعد 500 متر، فعندها قررت متابعة القتال معها، وتمكنت من الرمي عليها وبالتالي إسقاطها، وكنت على اتصال دائم مع قيادتي بكل مراحل المعركة، ولأنني لم أتمكن من المتابعة بسبب إصابة طائرتي قفزت من الطائرة بالمقعد المقذوف في منطقة قطنا، وطيارا الفانتوم التي أسقطتها كانا أسيري الجيش العربي السوري، وكان زمن المعركة ست دقائق بدءاً من لحظة الاشتباك حتى مغادرتي الطائرة.
وأضاف: بعد نفض غبار القتال صدر مرسوم تشريعي يمنحني فيه القائد المؤسس حافظ الأسد وسام بطل الجمهورية مع جميع أبطال الجيش العربي السوري بكل اختصاصاتهم، الذين كان لهم شرف الاشتراك في معركة تشرين التحرير، وهذا ما دفعنا أن نحمل إرثاً من تاريخ ترابنا الوطني لأتسلم المناصب الإدارية والتعبوية في القوى الجوية.
شواطئ منيعة
الرقيب أول نجيب الكفيري، الذي كان له شرف المشاركة مع القوات البحرية في حرب تشرين التحريرية، أشار إلى أن القوات البحرية في ذلك اليوم التشريني سطرت أروع ملاحم البطولة والفداء، وأضاف: كانت مهمتنا التصدي لقوات العدو عند قيامها بعمليات إنزال على السواحل السورية وتحديداً في منطقة الصنوبر، حيث قامت قواتنا بالتصدي لمجموعات العدو التي حاولت استباحة شواطئنا، وكبدتها خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، وقد سجلت قوات البحرية أروع ملاحم البطولة والشرف في الذود عن سواحلنا، كما سجل تلاحم الجيش والشعب صفحة ناصعة، وخاصة عندما كان الأهالي يستقبلوننا بالأهازيج والزغاريد والأرز، عندما كنا نقوم نحن ورفاق العقيدة والسلاح بحراسة شواطئنا الذهبية، لافتاً إلى أنه في هذه المعركة لا ينسى رفاق السلاح الذين ارتقوا شهداء دفاعاً عن سواحلنا.
الجبهة الداخلية رديف للجيش
المدرس المتقاعد فيصل نوفل، أحد معاصري الحرب، أشار إلى أن ذلك اليوم لا ينسى وسيبقى راسخاً في الأذهان والقلوب، ولاسيما أن شمس نصر العرب الأول قد أشرقت في ذلك اليوم، مضيفاً: عندما بدأت ساعة الصفر كنا حول المذياع نستمع لأغنية فيروز التي تقول «خبطة قدمكم عَ الأرض هدارة»، إذ كانت هذه الأغنية بمنزلة كلمة السر لانطلاق جنودنا البواسل وأبصارهم ترنو إلى جولاننا الحبيب، فنحن في حينها كنا رديفاً للجيش العربي السوري من خلال انضمامنا للدفاع الشعبي وقيامنا بدوريات ليلية في الأراضي الزراعية والمنشآت العامة، إضافة لذلك كنا ننتظر بفارغ الصبر البلاغات الصادرة عن القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة التي تتضمن انتصارات جيشنا الباسل، فأجمل ما كنا نسمعه هو: «صرّح ناطق عسكري بما يلي»، ففرحتنا كانت لا توصف عندما كنا نشاهد صواريخ «سام» وهي تطبع قبلات الموت على جبين الطائرات الإسرائيلية، وأذكر في حينها كيف كان الشباب يتسابقون إلى شُعب التجنيد للالتحاق بالوحدات العسكرية تلبية لنداء الواجب الوطني.