الضابط المجند الياس ميرو يستذكر انتصارات حرب تشرين.. ويؤكد: النصر الأخير تصنعه المقاومة السورية وأخواتها الآن
تشرين – خليل اقطيني:
رغم مرور 51 عاماً على انتصارات حرب تشرين التحريرية في تشرين الأول 1973، اللافت أن الأستاذ الياس موسى ميرو، الذي كان له شرف المشاركة في تلك الحرب ضابطاً مجنداً، الحامل لوسام حرب تشرين التحريرية، كان يتذكر كل مجريات تلك الحرب، وقدم لنا حصيلة إنجازاتها على الجبهة السورية خلال الأيام العشرة الأولى بالأرقام بكل دقة.
ويذكر أنه يتشرف بأنه خدم ضابطاً مجنداً في قيادة الفرقة الثالثة المدرعة ضابط أمن وتفتيش على جميع أنواع الأسلحة، بما فيها الموجودة في الخطوط الأمامية.
مبيناً أنه التحق إلى مكان خدمته العسكرية في قيادة الفرقة قبل يومين فقط من بدء الحرب، أي في الرابع من تشرين الأول 1973، ويصفها «بالملحمة الكبرى بكل ما في هذه الكلمة من معنى قادها القائد المؤسس حافظ الأسد».
انطلاقة دقيقة ومتقنة
ويضيف: إن انطلاقة الحرب في الساعة الثانية من عصر السادس من تشرين الأول 1973 كانت دقيقة جداً ومنفذة بمستوى عالٍ من الإتقان، وقد حددت القيادة العسكرية 4 ساعات من الزمن لتحرير مرصد جبل الشيخ. لكن القوات الخاصة المدربة تدريباً عالي المستوى على كل أنواع القتال، وخاصة في المناطق الوعرة، وتسلق المرتفعات الجبلية، تمكنت من تحرير المرصد وإنجاز المهمة خلال 40 دقيقة فقط، حيث باغتت هذه القوات من هو موجود داخله من عناصر الجيش الصهيوني وتمكنت من قتل الكثيرين منهم، وأسر من تبقى، وعادت إلى موقعها مكللة بالنصر ومصطحبة معها 36 أسيراً.
كما كانت أسراب الطائرات تنطلق من مطار المزة العسكري، الذي كان يقع ضمن مجال عمل فرقتنا الفرقة الثالثة المدرعة، التي كانت مكلفة بحماية المطار ومحيط العاصمة دمشق، إلى الأراضي المحتلة وتدك منشآت ومطارات ومواقع العدو العسكرية، ثم تعود أدراجها من دون أي خسائر، ثم يأتي دور سلاح المدفعية الذي دمر للعدو الصهيوني كل المواقع الموجودة على الجبهة، لتنطلق بعد ذلك الدبابات وتقضي على ما تبقى من تلك المواقع، وعلى من تبقى من الجنود الصهاينة، وأخيراً يأتي دور المشاة للتوغل داخل الجبهة بعد الرمايات والصولات التمهيدية من الطيران والمدفعية والدبابات وتطهيرها من رجس الصهاينة.
الفرار من الجحيم
ويشير ميرو إلى أن من كانوا محظوظين من الجنود الصهاينة وأتيحت لهم الفرصة للنجاة بأنفسهم، فرّوا مسرعين من الخطوط الأمامية للجبهة، وقد علت القذارة أبدانهم وشحبت وجوههم، حيث فَرّت فلولهم من الجحيم الذي فتحه عليهم الهجوم الكاسح من الجنود السوريين على الجبهة السورية.
لافتاً إلى أن حرب تشرين 1973 كانت الحرب الأكثر ضراوة التي تم شنها منذ حرب 1948، وكان واضحاً أنهم، أي الصهاينة، خسروا المبادرة في هذه الحرب، وتراجع جيش العدو الصهيوني بسبب النطاق الواسع للأسلحة المتطورة التي تم استخدامها في الحرب من قبل القوات المسلحة السورية من جهة والقوات المسلحة المصرية من جهة ثانية، حيث كان الجنود السوريون والمصريون يقاتلون ببسالة ليس لها مثيل، ومن المؤكد أن ضراوة قتالهم كان لها دور كبير في صنع النصر، وبالمقابل كان ينتاب الصهاينة إحساس عام بالاكتئاب لدى اكتشافهم الأليم الذي كلفهم كثيراً أن السوريين والمصريين ليسوا في الحقيقة جنوداً لا حول لهم ولا قوة، بينما كان الجنود الصهاينة يتقهقرون على طول الخط، أمام القوات المصرية والسورية المتقدمة.
إنجازات مهمة
وأوضح ميرو أن حصيلة الإنجازات على الجبهة السورية من قبل أشاوس الجيش العربي السوري، بلغت خلال الأيام العشرة الأولى من الحرب إسقاط 143 طائرة إسرائيلية، أسقطت منها 93 طائرة داخل الأراضي السورية، تم رصدها وتوثيقها من قبل وسائل الإعلام المحلية والعربية والعالمية، و50 طائرة أسقطت داخل الأراضي المحتلة، إضافة إلى قتل 773 وإصابة 2452 وأسر 56 جندياً وضابطاً صهيونياً، وتدمير 250 دبابة تدميراً كاملاً، وبذلك دمر الجيشان السوري والمصري أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
تخطيط عالي المستوى
ويؤكد ميرو أن القدرة العالية لدى الجانب العربي على التخطيط لهذه الحرب، وإخفاء كل الاستعدادات لها رغم إنها استغرقت سنوات منذ عام 1967 وإبقاء ساعة الصفر طي الكتمان ومباغتة الصهاينة في عقر دارهم، هو ما أذهل الصهاينة أكثر وأثار جنونهم منذ ذلك التاريخ ومازال يؤرقهم حتى اليوم، وذلك بفضل عبقرية وحنكة وحكمة القائد المؤسس حافظ الأسد على الجبهة السورية.
ومن هنا، بدأ التخطيط والتنسيق العمليّان بين الجانبين العربيّين السوري والمصري، منذ انتهاء عدوان نكسة حزيران 1967، لحرب تشرين الأول 1973 التي سطّر فيها الضباط والجنود في الجيشين السوريّ والمصريّ، ملاحم بطولية عظيمة.
الفصل الأخير من انتصارات تشرين
وختم ميرو حديثه لـ«تشرين» بالتأكيد على أن سورية قيادةً وجيشاً وشعباً، حين تواجه هذا العدوان المرير والطويل والمستمر منذ 2011 حتى اليوم، من دون أنْ تنكسر إرادتها أو تلين، يعني أنّ الفصل الأخير من انتصارات تشرين، تصنعه المقاومة السورية وأخواتها في هذه الأيام الخالدة من تاريخنا المجيد.