عملية برية إسرائيلية محاطة بشكوك وتساؤلات.. «الخبر ما ترون لا ما تسمعون» والمقاومة لم تقل كلمتها الاخيرة بعد.. و«لبيك يا نصر الله» ضمن الحساب المفتوح
تشرين- هبا علي أحمد:
مرّة جديدة إذا لم تكن هذه الحرب فماذا تكون؟.. عدوان إسرائيلي متواصل على لبنان مترافق مع تضارب الأنباء حول العملية البرّية الإسرائيلية، هذا التضارب يأتي من إعلان العدو بدء الهجوم البرّي، في ظل تأكيدات لبنانية على عدم وجود أي خرق للحدود في الجنوب، مع حسم اليونيفيل بالقول ما من توغل برّي إسرائيلي إلى الآن في لبنان، يأتي ذلك بالتزامن مع اعتداءات متواصلة على سورية على نحو شبه يومي ومنذ أسبوع، وقبله عدوان على اليمن، في خطة إسرائيلية – أميركية – فرنسية تهدف إلى إشعال عموم الجبهات بطريقة تكتيكية والذريعة استهداف «أذرع» إيران.. في حين باتت الحقائق واضحة.. نعم إنها الحرب، وواشنطن ومن خلفها الكيان يريدانها على هذه الشاكلة، مباغتة وغير مباشرة، مُباغتة ليست بمعنى غير متوقعة، بل بمعنى أنها تأتي في ظل مزاعم التهدئة والتحركات الأميركية – الفرنسية المكوكية إلى لبنان، وتصدير الحديث عن مساعٍ لوقف إطلاق النار، في حين أن مؤشرات الميدان تسير بالاتجاه المُعاكس تماماً، من هنا فإن التركيز على الميدان هو الأساس مع إدراك أن ما تظهره السياسة والدبلوماسية عكس ما تُخفيه.
بروباغندا العدو ومقابلها
لا يضر هنا التركيز على وسائل إعلام العدو وأتباعه من الوسائل الإعلامية الغربية وبعض العربية المُتماهية مع كيان الاحتلال ومقارنتها مع ما تنقله وسائل الإعلام المُقابل ومراسلوها على الأرض، التي تنفي كل البروباغندا الإعلامية حول اجتياح برّي من العدو للحدود اللبنانية وبدء عمليته، والحديث عن قتال عنيف داخل الأراضي اللبنانية كما يشيع الكيان، وسبقها الحديث عن انسحاب الجيش اللبناني من المناطق الحدودية، وأكد الجيش اللبناني أن الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية، وما نشرته بعض وسائل الإعلام بشأن انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية عدة كيلومترات غير دقيق، كما أكد حزب الله أن كل الادعاءات الصهيونية بأن قوات الاحتلال دخلت إلى لبنان هي ادعاءات كاذبة، ولم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين المقاومة وقوات الاحتلال، مؤكداً أن المقاومة مستعدة للمواجهة المباشرة مع قوات العدو التي تتجرأ أو تحاول دخول الأراضي اللبنانية وإلحاق أكبر الخسائر بها.
تطبيق قرارات لنزع سلاح المقاومة وإقامة منطقة عازلة جنوب الليطاني يستقر فيها الاحتلال مع تهديدات بحصار لبنان للضغط على حزب الله
ماذا في الكواليس؟
في ظل هذه الفوضى، لا بد من الانتباه إلى ما يجري في الكواليس، لاسيما في ظل الحديث عن قرارات أخرى غير متداولة، إذ كشفت وسائل إعلام أن النقاش يتم حول تطبيق القرار 1559 الذي يهدف في المقام الأول إلى نزع سلاح المقاومة، وليس تطبيق القرار 1701، إلى جانب إقامة منطقة عازلة جنوب نهر الليطاني يستقر فيها جيش العدوّ الإسرائيلي.. ونزع سلاح المقاومة، يعنى تجريد لبنان من عناصر قوته في المواجهة مع العدو، يترافق ذلك مع تهديدات متزايدة بفرض حصار بري وجوي على لبنان، بما يضغط على حزب الله ودفعه للتنازل والقبول بنزع السلاح وتسليم الجنوب إلى الجيش غير المسلح، أي فيما معناه مواصلة مسار التفخيخ الذي لزمه الأميركي والإسرائيلي على مدار سنة من العدوان على غزة وصولاً إلى لبنان وما بعد لبنان، وفيما معناه أيضاً البحث عن صياغة قرارات على المقاس الأميركي والإسرائيلي تخنق لبنان وتخرجه من معادلة الصراع مع العدو.
المقاومة مستعدة للمواجهة المباشرة مع قوات العدو التي تتجرأ أو تحاول دخول الأراضي اللبنانية وإلحاق أكبر الخسائر فيها
وأيضاً نستنتج من خلال المعطيات أنه رغم حديث العدو عن عملية محدودة، إلا أنه من الواضح أن العدو يُعد العدّة لتكون عملية واسعة النطاق غير محددة الأبعاد والمدى، ويُستنتج أن موضوع التوغل البري الذي بدأ حسب الكيان هو محاولة لجس النبض ومعرفة توزع وتحركات حزب الله، كما أشار محللون، لكن إلى أي مدى الكيان قادر على تحقيق مُراده؟
الخبر ما نرى
بأي حال ألم يقُل سماحة السيّد الشهيد حسن نصر الله: «الخبر ما ترون لا ما تسمعون» فماذا نرى؟
نرى صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات العدو القابعة تحت جحيم صواريخ المقاومة اللبنانية التي دفعت ملايين المستوطنين إلى الملاجئ، إذ نفّذت المقاومة 50 عملية إطلاق استهدفت مواقع العدو وتحشيداته ومستوطناته، والعدد مُرشح للارتفاع على مدار الساعة مع تحقيق إصابات، ما دفع وسائل إعلامه إلى الإقرار بأن الصواريخ التي أطلقت على وسط «إسرائيل» من لبنان هي الأكبر منذ بداية الحرب، لافتة إلى أن حزب الله لم يقل الكلمة الأخيرة بعد، مشيرة إلى فرض تعتيم شديد على ما يحصل في الحدود الشمالية.
الصواريخ التي أطلقت على وسط «إسرائيل» من لبنان هي الأكبر منذ بداية الحرب وحزب الله لم يقل الكلمة الأخيرة بعد
وقال بيان المقاومة: دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وإسناداً لمقاومته الباسلة والشريفة، ودفاعاً عن لبنان وشعبه، وفي إطار سلسلة عمليات «خيبر» ورداً على استهداف المدنيين والمجازر التي يرتكبها العدو، وبنداء «لبيك يا نصر الله»، أطلقت المقاومة صليات صاروخية من نوع «فادي 4» على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 ومقر «الموساد» التي تقع في ضواحي «تل أبيب».. وللتذكير هذا جزء من معركة الحساب المفتوح والممتد.
وعلى اعتبار أنه حتى كتابة هذه السطور، لم تبدأ العملية البرّية الإسرائيلية ضد لبنان، رغم كل ما رُوج وسُوق لها على مدار الليلة الماضية حتى صباح اليوم الثلاثاء، فيمكن الإضاءة على ما ذكر به أحد المحللين، قائلاً: أيام تشبه عام 2006، سندخل براً، لن ندخل، ثم يجب أن نصل الى الليطاني، عملية محدودة، إبعاد حزب الله عن الحدود، مضيفاً: حصل ذلك على مدى أيام عدة، ثم بدؤوا الدخول براً، من مناطق محددة جداً، وحاولوا إحداث خرق كبير بـ«إنزال الغندورية» الشهير، والنتيجة مجزرة دبابات في الحجير، وقف إطلاق نار… وانسحاب.