قبل أن “تتعثّر” الحكومة الجديدة

لا يوجد في هذا العالم “سوبر مان” إلّا في أفلام الكرتون.. فالواقع أنّ تكاملَ المهام والأدوار هو أساس الإنجاز في عمل أي مؤسسة بدءاً من الأسرة.. وصولاً إلى الفريق التنفيذي الكبير الذي نسميه اصطلاحاً حكومة.
و على مستوى الحكومة.. يبدو تكنيك العمل التنفيذي أهمَّ بكثير من الميكانيك أو الهيكل المتمثل بأشخاص الطواقم المتبدّلة والمهام الكلاسيكية الدارجة، التي اعتدنا دوماً التعويل عليها و تحميلها “أطناناً” من الآمال و المطاليب، تكون غالباً أكبر من إمكاناتها التي هي إمكانات دولة في المحصّلة، ولاسيما على المستوى المادي و متعلقاته.
وإن كان من المهم أن نتصالحَ مع أنفسنا ونبدأ صفحةً جديدة في “منهاج” العمل العام بحكومة جديدة، سيكون من الأهم أن يُحسِنَ الطاقم الجديد التقاطَ ملامح الخلل الأبرز في عمل كافة الحكومات السابقة، ولعله خللٌ في تكنيك ” تقنية” التعاطي مع الملفات- كل الملفات– ولاسيما تقاليد اتخاذ وصناعة القرار.
في مجلس الوزراء مجموعة من اللجان..كاللجنة الاقتصادية ولجنة العقود ولجنة الطاقة ولجنة الخدمات ولجنة التنمية البشرية.. يرأس كلَّ لجنة وزير وعضوية آخرين معظمهم وزراء.. تعمل هذه اللجان على دراسة الملفات وتحضير القرارات على شكل توصيات، يصادق عليها رئيس مجلس الوزراء وتصبح قراراً نافذاً..
وغالباً مع تطبيق القرار تظهر العيوب والمشكلات..وعندها لا الحكومة تتراجع، لحفظ الهيبة، ولا المتضرر يتحمل أيّاً كان، فتتراكم التعقيدات والعقد، و يبدأ الضجيج المربك و المقلق للجميع، وغالباً يرتب ذلك إساءة لعمل الفريق التنفيذي مجتمعاً، على الرغم من الجهود المضنية التي يبذلها.
هنا نصل إلى الحلقة الغائبة التي على الحكومة الجديدة استدراكها، وهي حلقة التنسيق والتكامل، وإيجاد حصة أكبر للبعد الفني في صنع القرار، وهذا يعني أنَّ الفريق التنفيذي ولجانَ المجلس تحتاج إلى فريق تقني- فني بأعضاء متعددي الاختصاصات، تكون مهمتهم دارسة كل توصية تخرج من اللجان، وتقييم أثرها على كافة القطاعات الأخرى، ليصار إلى التعديل و الاستدراك قبل أن تصبح التوصية قراراً…
ولا يجوز أن تبقي “الحكومة” على حالة ضعف التنسيق في العمل بين لجان مجلس الوزراء، وتبقى كل لجنة تعدّ توصياتها من منطلق رؤيتها المتعلقة باختصاصها والقطاعات المعنية والمشمولة بمهامها وليس إلّا.
الاستدراك ليس صعباً، إذ يمكن تفعيل المجلس الاستشاري الموجود حالياً في هيكلية مجلس الوزراء، و تكليفه بمهمة
” مايسترو اللجان” أي يدرس توصيات كلِّ لجنة برؤية وأبعادٍ شاملة ويعيدها إلى مصدرها مع ملاحظات أو تعديلات، و يكون هذا المجلس الحلقة المباشرة لتوريد مشاريع القرارات “التوصيات” لرئيس مجلس الوزراء.. ومن المهم أن تكون حواشي المجلس الاستشاري ملزمة وغير قابلة للتجاهل، ممكن أن تخضع لنقاش وحوار، لكن ليس التجاهل..
ولإعطاء المجلس الاستشاري زخماً أكثر سيكون علينا إيجاد مسمى جديد له يوحي بشيء من “السلطة” لا مجرد الاستئناس بالرأي على طريقة “شاور وخالف”..مع إعادة اختيار أعضائه بعناية فائقة ممن يمتلكون الرؤية والخبرة، ولا ننسى المرونة بما أن العمل التنفيذي يتطلب مرونةً كبيرة.
أو يمكن إعادة بناء مديرية دعم القرار الموجودة أيضاً في هيكلية مجلس الوزراء، لكنها أهملت وتمَّ تجاهل دورها منذ سنوات طويلة..
الخيارات كثيرة ومتعددة، المهم أن نعتمد ما يتكفل بكسر حالة الجفاء وغياب التناغم في ميكانيك العمل داخل المقصورة التنفيذية، وإن نجحنا سنضمن التصالح المطلق مع أعمالنا..عبر التشاركية الحقيقية في اتخاذ القرار .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار