بوصفها مصدر معلومات موثوقاً.. الأسنان تحكي تاريخ الإنسان

تشرين:

توجد الأسنان بوفرة في المواقع الأثرية لأنها أقوى من العظام، وتوفر الأسنان المعلومات حول السمات الوراثية للأفراد أو حتى مجموعات كاملة من السكان، وتشترك الأسنان في شيفرة وراثية مشتركة تحدد نوع صاحبها، ولذلك يمكن تمييز الأسنان البشرية بسهولة في الحفريات عن أسنان بقية الحيوانات.
ويقول علماء «الأنثروبولوجيا»: توفر الأسنان أدلة تشريحية لفهم الاختلاف في السلوكيات البشرية على مر العصور القديمة سواء كل تطور الجنس البشري ورسم كيفية حدوث هذا التطور من خلال الأسنان التي تميزت بين مرحلة البشر الصيادين والبشر المزارعين وفترات الاستقرار والترحال البشري.
ويمكن من خلال الأسنان تحديد جنس الرفات البشرية القديمة لأن النساء لديهن أسنان مختلفة عن أسنان الرجال، وبشكل أكثر تحديداً، يمكن التنبؤ بالأنماط الغذائية بناء على حال الأسنان، ويساعد العصب المحمي داخل أسناننا في تقديم معلومات موثوقة حتى لو تضررت بقية السن إلى حد كبير، كما يقول عالم أنثروبولوجيا الأسنان كولفارد.
واستخرج علماء الأنثروبولوجيا المعلومات الوراثية من الأسنان في البشر الذين عاشوا قبل ما يصل إلى 20 ألف عام، من الفراعنة المصريين وصولاً إلى البشر الأوائل الذين هاجروا إلى الأمريكيتين خلال العصر الجليدي الأخير منذ حوالي 10 إلى 12 ألف عام.
ووجد هؤلاء الباحثون أن الأسنان القديمة التي وضعها الهنود، الذين عاشوا ذات مرة في كوستاريكا الحديثة من قبائل ما قبل المايا، كانوا يزرعون قطعاً صغيرة من حجر اليشم في أسنان مرضاهم لإصلاح التسوس أو للزينة، كما تمكنوا من إيقاف الألم باستخدام الأدوية النباتية.
وأبدع الشعب الأتروري في إيطاليا في القرن السابع قبل الميلاد في صنع الأسنان من العاج أو العظم، وثبتوها في الفم بواسطة جسور من ذهب، لكن بعد ذلك على مدى قرون كان طب الأسنان يقتصر عموماً على خلع السن المتسوسة.
وأول سن منفردة من البورسلين المثبت في اللثة بواسطة مسمار من البلاتين فقد صممها الإيطالي فونزي لنفسه عام 1808 اشمئزازاً من استعمال سن منتزعة من جثة ميت، وفي الفترة نفسها ابتكر هوراس ويلز مخدراً لزرع الأسنان من دون ألم، فارتفع الطلب على الأسنان الصناعية.
ويظهر التحليل الكيماوي لأسنان أم البشر لوسي، أنه منذ 4 ملايين عام مضوا، أصبحت وجبات طعام أشباه البشر فجأة أكثر تنوعاً من الرئيسيات الأخرى، وكانت القردة التي تعيش في الأشجار لا تزال تأكل من قائمة الغابة الثابتة، في حين أن أشباه البشر وسعوا ذوقهم ليشمل ما تقدمه البوفيه في الغابة والسافانا.
في عام 2015 اكتشف الباحثون 47 سناً في كهف جنوب الصين، تم تحديد هذه الأسنان على أنها تنتمي إلى الإنسان العاقل وأن جنسنا البشري وصل إلى آسيا في وقت أبكر بكثير مما كان يعتقد سابقاً، أي منذ حوالي 80 إلى 120 ألف عام.
من جانبه، يقول الباحث بيتر أونغار في تحقيق بعنوان “قصة الأسنان والنظام الغذائي والأصول البشرية”: إن الأسنان أرشيف فريد، ويمكن أن تكشف عن صعوبات الطفولة والهجرة الموسمية والتعرض إلى التلوث والإشعاع أو الزهري الخلقي والتعديل الثقافي والعمر عند الوفاة، إضافة إلى ثروة من المعلومات حول النظام الغذائي لذا ليس من المستغرب أن يكرس عدد من العلماء حياتهم المهنية لفتح الأدلة من الأسنان الحديثة والأحفورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار