أول مناظرة بين بايدن وترامب اليوم.. أميركا بين هَرِمين الأول خَرِف والثاني مجنون.. والضبابية مازالت تلف المشهد حول المرشح الأوفر حظاً في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية
تشرين – مها سلطان:
مشهد ضبابي ما زالت تفرزه استطلاعات الرأي حول المرشح الأوفر حظاً في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية، الرئيس الحالي جو بايدن، أم الرئيس السابق دونالد ترامب، ومن هنا تكتسب أولى المناظرات المقررة اليوم الخميس بين بايدن وترامب أهمية كبيرة لناحية تحديد فروقات معينة قد تعطي صورة أوضح لما سيكون عليه المشهد الانتخابي خلال الشهرين المقبلين حتى موعد المناظرة الثانية في أيلول المقبل.
وفيما بدا ترامب وحزبه أكثر تفاؤلاً خلال المرحلة الماضية، رغم أن الفرق بينه وبين بايدن ليس بالكبير الذي يُعول عليه.. جاء أحدث استطلاع للرأي ليقلص هذا التفاؤل، وأظهر الاستطلاع الذي نشرت نتائجه مساء أمس، أي عشية المناظرة، انقساماً بين الناخبين، ليس في مصلحة ترامب، وفي الوقت نفسه ليس في مصلحة بايدن.
وتضمن الاستطلاع سؤال الناخبين حول «تحديين اثنين» هما: الاقتصاد والديمقراطية، وحولهما انقسم الناخبون، حيث يرون أن ترامب هو الاختيار الأفضل للاقتصاد «43% لترامب مقابل 37% لبايدن»، لكنهم بالمقابل يفضلون نهج بايدن فيما يخص الديمقراطية «39% لبايدن مقابل 33% لترامب»، ما يعني أن نسبة التأييد لبايدن ارتفعت على نحو طفيف من 36% إلى 37% في هذا الاستطلاع الذي أجرته (رويترز/ إيبسوس)، واستمر ثلاثة أيام.
الديمقراطيون يخشون أن يتأثر بايدن «81 عاماً» بمخاوف الناخبين تجاه عمره إلى جانب حالة الغضب من دعمه اللامحدود للحرب الإسرائيلية على غزة
ومع ذلك فإن الديمقراطيين يخشون من أن يتأثر بايدن «81 عاماً» بمخاوف الناخبين تجاه عمره، وهو أكبر من تولى منصب الرئيس الأميركي، إلى جانب حالة الغضب العالمي «وفي أميركا خصوصاً» تجاه دعم إدارة بايدن اللامحدود للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وانتشرت مؤخراً تسريبات واسعة حول وجود تيار كبير ومؤثر داخل الحزب الديمقراطي، يسعى إلى استبدال بايدن قبل المؤتمر العام للحزب في أيلول المقبل، وذلك بسبب ما أظهره من حالات ضياع وتشتت في العديد من المناسبات والأحداث الداخلية والدولية، آخرها خلال قمة مجموعة السبع منتصف هذا الشهر، الأمر الذي تسبب بحرج كبير، وعزز توقعات خسارته أمام ترامب، ودفع في الوقت نفسه خصومه الجمهوريين إلى استغلال ذلك على أكمل وجه، واصفين بايدن بـ«الفضيحة» وبالرجل الخرف، وأنه فاقد للأهلية العقلية، وبما يجعل إعادة انتخابه كارثة.
هذه التسريبات، ليس بالضرورة، أن تتحول إلى واقع، إذ إن استبدال بايدن «أو أي مرشح بالعموم» يخضع للعديد من الشروط، من ضمنها أن يوافق المرشح نفسه على عملية استبداله.
لكن، كما يبدو، فإن «رياح خرف بايدن» لا تجري بما تشتهي سفن ترامب وحزبه الجمهوري، بعدما بدا هذا الأخير في الموقف ذاته، ضائعاً ومشتت الذهن، خلال تجمع انتخابي في مدينة فيلادليفيا/ ولاية بنسلفانيا/ يوم السبت الماضي.
ترامب بدأ يتحدث عن ضعف ضغط المياه في ظل اللوائح البيئية ذات الميول اليسارية الأخيرة، قائلاً:«هل سبق لك أن حاولت شراء منزل جديد ثم قمت بتشغيله، تريد أن تغسل شعرك أو تريد أن تغسل يديك، تقوم بتشغيل الماء فيتقطر، الصابون لا يمكنك إزالته من يدك، لذلك يمكنك الاستمرار في تشغيله لمدة أطول بحوالي 10 مرات».
واستمر ترامب بالتحدث من دون أن يكون لكلامه أي معنى، ما اضطر قناة «فوكس نيوز» لقطع البث المباشر عن خطابه.
العديد من استطلاعات الرأي أظهرت مطالبة الناخبين بما سموه فحص أهلية قبل مناظرة اليوم.. أي فحص منشطات إذ يعتقد على نطاق واسع أن كليهما يتعاطيان منشطات من نوع ما
وبعد انتشار مقطع الفيديو لخطاب ترامب هذا، شن أنصار الحزب الديمقراطي هجوماً عليه وعلى حالته العقلية، ووصفت حملة بايدن ذلك التجمع بأنه «محرج» لترامب، قائلين إنه يعاني من الخرف.
يشار إلى أن العديد من استطلاعات الرأي أظهرت مطالبة الناخبين بما سموه فحص أهلية قبل مناظرة اليوم، أي فحص منشطات، إذ يعتقد على نطاق واسع أن كليهما يتعاطيان منشطات من نوع ما، قبل مشاركتهما في المناسبات والاجتماعات الداخلية أو الدولية.
وعن مناظرة اليوم، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «السر الصغير الذي تعلمته منذ 30 عاماً من مشاهدة المناظرات مع الناخبين» للكاتب فرانك لونتز.
ويقول لونتز في مقاله: لقد جلست مع مجموعات صغيرة من الناخبين جرى اختيارهم من بين مجموعات من الآلاف من الناخبين، وشاهدت أكثر من عشرين مناظرة رئاسية، وما زال يذهلني أن اللحظات الصغيرة والأخطاء اللفظية وسوء تذكر التفاصيل الصغيرة يمكن أن تكون ذات أهمية كبيرة للصحفيين داخل المناظرة وللنقاد الحزبيين، ومع ذلك غالباً لا يكون لهذه التفاصيل أي أثر على آراء العديد من الأشخاص الذين يشاهدون المناظرة في المنزل».
ويضيف: لكي نكون منصفين، فإن بعض المناظرات، مثل مناظرة بيل كلينتون وبوب دول في عام 1996، لم تخلف تأثيراً كبيراً على مزاج الناخبين، ويمكن القول: إن مناظرة أخرى- مثل المناظرة الثلاثية التي دارت مع بيل كلينتون وجورج بوش الأب وروس بيرو في عام 1992، والمناظرة الأولى بين جورج دبليو بوش وآل غور في عام 2000، والاصطدامات الثلاثة بين ترامب وهيلاري كلينتون- غيّرت التاريخ.
ومع انطلاق المناظرة الأولى بين بايدن وترامب، يرى لونتز أن «اللحظات الرئيسية التي سيكون لها التأثير الأكبر على الناخبين المترددين المتبقين هي تلك التي يهاجم فيها المرشحان بعضهما بعضاً لتحديد أو تقويض القضية السياسية التي يريد كل منهما تقديمها للأميركيين».
التوقعات مرتفعة بالنسبة لترامب الذي تحدى بايدن على إجراء مناظرة في أي زمان ومكان ومن الممكن أن يندم على هذا التحدي.. وقد يندم بايدن على قبول العرض
ويعد لونتز أن مناظرة اليوم من أكثر المناظرات أهمية منذ مناظرة جون كيندي وريتشارد نيكسون، ويقول: إن التوقعات مرتفعة بالفعل بالنسبة لترامب، الذي تحدى بايدن على إجراء مناظرة في أي وقت أو مكان من اختياره، ومن الممكن أن يندم ترامب على إصدار مثل هذا التحدي.. وقد يندم بايدن على قبول العرض.
وختم لونتز: «.. ونظراً لأن المشاهدين اعتادوا على رؤية المناظرات باعتبارها مزيجاً من الترفيه التلفزيوني وحرباً من أجل مستقبل أمريكا، فسوف يرغبون في رؤية العاطفة والطاقة وحتى الغضب في خدمة مصالح البلاد».
بدوره، اعتبر الكاتب تيموثي أوبراين أنه ربما كان من الأنسب لبايدن تولي الرئاسية لولاية واحدة فقط، مشيراً إلى ما سماه مخاطر المناظرات على الرؤساء الحاليين، وذلك لأسباب واضحة باعتبار «لديهم كل شيء ليخسروه، بينما لن يكسبوا سوى القليل» من وراء المناظرات.
وتطرق أوبراين إلى الحملة الانتخابية عام 1960 عندما رفض ريتشارد نيكسون الدخول في مناظرة مع جورج ماكغفرن عندما كان رئيساً في عام 1972. وفي عام 1976 ساهمت زلة اللسان التي سقط فيها جيرالد فورد في خضم حديثه عن السياسة الخارجية، بفوز جيمي كارتر في انتخابات ذلك العام، وفي وقت لاحق تفوق رونالد ريغان على كارتر في مناظرة عام 1980، ما أدى إلى فوزه الساحق في الانتخابات.
وقال أوبراين: ربما كان الأنسب لبايدن تولي الرئاسة لولاية واحدة فحسب، بعد أن أثبت أنه المرشح الوحيد القادر على إنقاذ البلاد من ترامب عام 2020، لكن الغطرسة والغرور لطالما كانا جزءاً من مسيرته طوال حياته السياسية، مثلما الحال مع معظم الذين يطمحون إلى الرئاسة.
وأضاف: الآن، يدخل بايدن المعركة من جديد، مع دخوله في مناظرة أمام ترامب، ومثل الرؤساء الذين سبقوه، من المتوقع أن يبدو بايدن كأنه يسير على حبل مشدود، إذاً لماذا المخاطرة؟.. لأن الأمر يستحق.
وأكّد أوبراين أن «مناظرةً واحدةً لن تؤدي إلى اختفاء المخاوف المرتبطة بالحيوية فيما يخص بايدن، وبالتالي فإن الطريقة الأكثر فاعلية هي أن يضع نفسه جنباً إلى جنب مع ترامب حتى يتمكن الناخبون من المقارنة بينهما.
يشار إلى أن مناظرة اليوم تتم من دون جمهور، وهي تخضع لشروط قاسية في سبيل ضبط مسار المناظرة وحتى لا يخرج التصعيد بين بايدن وترامب عن حدود اللياقة، ومن ضمن الشروط كتم الميكرفون، وعدم السماح لهما بلقاء مسؤولين في حملاتهما الانتخابية بوقت الاستراحة، وكذلك السماح لهما فقط بورقة وقلم.
بكل الأحوال، وأياً يكن الفائز، بايدن أم ترامب، فإن الولايات المتحدة سيحكمها مرة أخرى رئيس هرم مشكوك في أهليته لتسلم قيادة البلاد، إذا ما أخذنا بالاعتبار خرف بايدن وجنون ترامب.