التربية قبل التعليم
كم هو مؤلم وخطير ما وصل إليه طلابنا من استهتار وفوضى وعدم مسؤولية وانعدام للتربية، حين يُقدِمون على تمزيق كتبهم ودفاترهم في آخر يوم للامتحانات.
وإن دلّ هذا على شيء، إنما يدل على ما وصلنا إليه من غياب التربية لدى الكثير من الطلاب، فالتربية قبل التعليم.
لماذا وصلنا إلى هذا الدرك الأسفل من عدم المسؤولية، واعتبار الكتاب الذي يقدم العلم عبئاً على الطلاب وليس نجاة لهم؟.
هل للواقع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم منعكساته، أم إن لوسائل التواصل الاجتماعي دورها السلبي والمسيطر الأقوى؟.
ظاهرة تمزيق الكتب ظاهرة خطيرة وليست جديدة، لهذا تستحق الدراسة من النواحي كافة، النفسية والاجتماعية والأخلاقية، ووضع النقاط على الحروف قبل فوات الأوان، من خلال كوادر الإرشاد الاجتماعي والنفسي الموجودة في المدارس كافة.
والتساؤل الأهم: لماذا انتشرت هذه الظاهرة خلال السنوات الأخيرة؟ ولماذا لم يوضع لها حد حتى اليوم؟ ولماذا يغيب دور المرشد النفسي والاجتماعي، وماذا يفعل طيلة أيام العام؟
وهل يقتصر دوره على الجلوس في غرفته الخاصة والاستماع لطالب مشاغب أرسله مدرس لغرفة الإرشاد؟
دور المرشد النفسي والاجتماعي كبير ومحوري، ويقع على عاتقه متابعة الطلاب وتصحيح أفكارهم المسيطرة عليهم من عالم الميديا الذي يقدم الغث قبل السمين، وذلك من خلال إقامة ورشات عمل في المدارس، وتسليط الضوء على السلبيات و الإيجابيات وكشف الظواهر السلبية الغريبة عن مدارسنا ومجتمعنا، والتي لا تقتصر على تمزيق الكتب، وإنما على الكثير من الظواهر السلبية التي اقتحمت حياة أبنائنا، ومنها الهروب من المدرسة والتدخين والنرجيلة حتى من قبل الأطفال في المرحلة الأولى ووو….
ولا نعفي الأهل من دورهم التنويري والأول في تربية أبنائهم ومراقبتهم وتوجيههم نحو العمل الخلاق، ووضع حد لتصرفاتهم، وخاصة أن الأغلبية العظمى منهم متعلم ومثقف، وذلك بالتعاون مع الإرشاد في المدارس.
وأستذكر هنا قولاً ” أغلب الأجيال السابقة ربتهم امرأة أمّية لا تقرأ ولا تكتب، ولكن علمتهم ما لم تستطع بعض مثقفات اليوم تعليمه لأبنائهن”. فهل ننقذ أبناءنا قبل فوات الأوان؟