حوّل العدو الإسرائيلي الحرب على غزة إلى حرب على المرضى بعد أن انتقل إلى مهاجمة المستشفيات ابتداءً من مشفى الشفاء، المشفى الأكبر في غزة، ومن الأحداث النادرة في تاريخ الحروب أن تغدو غرف النزلاء والمرضى، بل غرف العمليات أيضاً، غرفاً للمتاريس والقتال، ولم تمنع نداءات المنظمات الدولية قوات الاحتلال الصهيوني من تدنيس حرمة المرضى في أسرّتهم التي اقتحموها أمام أنظار العالم وأخرجوا الجرحى والمصابين من غرفهم، زاعمين أن بحوزتهم أسلحة، وعندما لم يجدوا شيئاً لفقوا الأكاذيب من دون أدنى حياء أو خجل.
يستطيع العدو الصهيوني أن يتفاخر بأنه انتصر على المرضى والمصابين في مشفى الشفاء بعد أكثر من 45 يوماً على بدء عدوان جيشه بفرقه العسكرية وحشود دباباته، ويقف عاجزاً عن التقدم والتوغل في القطاع، وكل تهديداته بالسيطرة على غزة وتحرير أسراه في غضون أيام ذهبت أدراج الرياح.. صحيح أنه برع في قتل الأطفال والنساء، الذين تجاوز عددهم الآلاف لكنه عجز عن تحرير أسير واحد.
وأصبح العالم بأسره يعلم أنه لولا الولايات المتحدة الأميركية لما استطاع الجيش الإسرائيلي الصمود في وجه المقاومة أياماً معدودة، وعندما شعرت واشنطن بأن الكيان المحتل سيُمنى بهزيمة نكراء دفعت بقواتها إلى البحر المتوسط مدججة بحاملات الطائرات.. وبذلك أسقط بضع مئات من المقاومين الفلسطينيين أسطورة رابع جيش في العالم التي طالما تغنّى بها قادة الجيش الصهيوني الذي فشل فشلاً ذريعاً في معركة «طوفان الأقصى» التي سيكون لها ما بعدها.
لا يجرؤ قادة الجيش الإسرائيلي على الإفصاح عن أعداد قتلاهم في المعارك الدائرة مع المقاومة الفلسطينية، فللمرة الأولى تتجاوز أعداد القتلى المئات وربما تقريباً الآلاف، وإدارة بايدن لا تعرف كيف ستنهي الحرب بعد أن تورطت بإشعالها، ولولا أن نجحت الوساطات في الوصول إلى اتفاق هدنة وتبادل أسرى لكانت خسائر الكيان الإسرائيلي تتضاعف بصورة كبيرة جداً، وهذا ما لا يتحمله العدو الصهيوني الذي فوجئ هذه المرة بقوة المقاومة وهجومها المفاجئ في السابع من تشرين الأول الماضي.
لقد كرّست معركة «طوفان الأقصى» نهجاً جديداً في المقاومة للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، وهو مباغتة العدو وعدم تمكينه من المبادأة كما كان يفعل في السابق، لذلك تعدّ معركة «طوفان الأقصى» معركة فاصلة في تاريخ الصراع مع العدو الصهيوني الذي لن يستطيع بعد الآن أن يتباهى بالتفوق في هذا الصراع.