العدو أمام صفر إنجازات!

عندما بدأت قوات الاحتِلال عدوانها البري على قِطاع غزة قبل ثمانية عشر يوماً، كان الهدف المُعلن هو إطلاق سراح الأسرى – بينهم ضباط كبار – من دون شروط، و«تدمير» المقاومة الفلسطينية بالكامِل، والآن بعد انقضاء هذه الأيام لم يحقق هذا العدوان أياً من الهدفين، بل على العكس من ذلك فما حدث هو تزايد أعداد الأسرى، وتفاقم الخسائر الكبيرة في صفوف قوات الاحتلال بعد إرسال دباباته ومدرعاته إلى القطاع في إطار الاجتياح البري.
كان الاحتلال الإسرائيلي يتوقع أن عملية الاجتياح البري التي يشنها على غزة هي مجرد نزهة يقوم بها لأيام معدودة ثم ينتهي الأمر، بعد تحقيق أهدافه من هذا العدوان، غير أن ما حصل خلال هذه العملية غيّر مجرى الأمور، وباتت الصور القادمة من غزة موجعة جداً للمسؤولين في كيان العدو الذين بدؤوا يذرفون الدموع على «جنود قوات النّخبة في جيش الاحتلال الإسرائيلي» وهم يسقطون برصاص وقنابل وصواريخ المقاومة.
رغم كل التحشيد العسكري من معدات ومدرعات وجنود فإن غزة لاتزال صامدة وحدها تقاوم مع أهلها العدو، وهذا فعلاً ما يجري حالياً على أرض المعركة، والمقاومة علاوة على الشجاعة والصمود والاستعداد، فهي تملك الأرض وما فوقها وما تحتها، والوقت لمصلحتها، فكلما طالت المواجهات تفاقمت خسائر قوات الاحتلال، واتسعت دائرة هزيمته، أما الإنجاز الوحيد الذي حققه الاحتلال الغازي وطائراته الحربية المتطورة، فكان قتل المزيد من المدنيين الذين وصل عددهم إلى أكثر من عشرة آلاف مدني ليس من بينهم مقاوم واحِد، بل جلّهم من الأطفال «حوالي 5000 طِفل ورضيع»، والعدد نفسه أو أقل قليلاً من النساء، وتدمير المستشفيات وقطع المياه والكهرباء، ووقف كل إمدادات الطاقة والطعام.
يعيش قطاع غزة اليوم مرحلة تاريخية، بل يعيش تصحيحاً تاريخياً، ويفضح الاحتلال وجرائمه كما يفضح داعميه ومسانديه الأميركي والغربي، ويظهر الوجه القبيح لهم، هذا الوجه المعروف للعالم، لكن بالمقابل أيضاً، هذه المعركة المجيدة تظهر الوجه المشرّف للجينات العربية المقاومة، وتعكس القدرات البطولية لرِجالها الذين اختاروا طريق الشهادة لتحرير الأرض وحِماية المقدسات.
والصمود لشهر ونصف الشهر أو أكثر في مواجهة الاجتياح ومواجهة ما يسمى «الجيش الذي لا يقهر»، هذا بحد ذاته يعد انتصاراً فلسطينياً يضاف إلى سجل المقاومة التي ركّعت العدو الإسرائيلي وجعلته يقف على رجل واحدة.. المقاومة التي غيّرت قواعد الاشتباك والمعركة في المِنطقة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار