سبتُ الاحتمالات!!

مرّ أمس السبت الثاني، على سبت (7) تشرين الأول (2023)، ذلك السبت الذي أعاد للذاكرة سبتاً آخر كان سبقه بـ (50) سنة، وهو سبت (6) تشرين الأول (1973).. أعاده إلى الذاكرة، وكأنه سبت الأمس بكلِّ توهجه، وبكلِّ ما زرعه في بساتين الحلم من آمالٍ ورجاءٍ وأمنيات.. وبما حمله يومها من إعادة الروح، وكان الظن أنها تشظّت، وتبعثرت، وربما تبخّرت بعد إحباط الهزائم والنكسات..
واليوم يأتي «سبتٌ» آخر ليُعيد الروح التي تمزقت بعد مرور عقدٍ ونيّف، ضاعت خلالها الاتجاهات، وضاعت معها البوصلة أيضاً.. عشرُ سنوات اختلف فيها العرب على كلّ شيء، وهنا نذكّر باجتياح الذهنية «الصهيونية» التي قادها صهاينة عالميون، وللأسف كانت أدواتها الكثير من العرب ميدانيّاً وتمويلاً، ومن أشباههم من خارج العالم العربي، وقد سموا اجتياحهم «ربيعاً»، وهم يعيدون بلادهم إلى زمن التناحر القبلي في الصحارى العربية..
عشرُ سنواتٍ ونيّف، وهم يُحاولون إجبار البوصلة على تغيير اتجاهاتها، وكادوا ينجحون، في اختراع أعداءٍ جدد، أو في طمس هوية العدو الحقيقي، وقد دخل إلى غرف النوم العربية.. أشعلوا المنطقة طائفياً ومذهبيّاً وقوميات، وأرادوا أو فصلوا لها «الكانتونات»، لتبقى جميعها كياناتٍ طائفية متناحرة، تكون من خلالها «إسرائيل» الدولة الدينية الأقوى بينها في التشكيل الجديد للشرق الأوسط..
هو سبتٌ ثانٍ إذاً، يزعم الطرف المعتدي – العدو أنه يُقدسه، أو أنه يومٌ مقدسٌ لديه، وإذ به يكون له مرآةً للكوابيس، يُقدّم له وجهه الحقيقي المهزوم.. سبتٌ آخر يفتح بوابة الاحتمالات، وقد أمسى الجميع في عين العاصفة، حيث هنا ليس ثمة خيارٌ ثالث: إما نكون ولا يكونون وإما يكونون ولا نكون!!
ومن أولى نتائج سبت (7 تشرين 2023): أنه تمَ وضع البوصلة على اتجاهاتها الحقيقية، والإشارة الواضحة للعدو الحقيقي، والخروج من وهم تصنيع الأعداء، ووهم التقسيم الكانتوني الطائفي، والذي صُوّر خلال العقد الذهبي الصهيوني على أنه صراعُ وجود.. ومن ثم إعادة الخوف إلى صدور الصهاينة المحتلين، وربما كانت هذه أهم النتائج حيث لا هناء لهم ولا اطمئنان في هذه البلاد، ووقف هرولة التطبيع التي كانت تجري بلا هوادة مع العدو، ونسف كلَّ الاتفاقات معه منذ «كامب ديفيد» إلى «أوسلو»، وإلى الاتفاقات الإبراهيمة المطبعة، ومن ثمّ ضياع كل «طرق» الاقتصاد التي كان مزمعاً شقها لأجل عيون الصهاينة، وليس آخرها عودة الروح من جديد للعمل الفدائي الفلسطيني والعربي الذي كان الظن أنه انتهى مع سنوات الربيع الصهيونية..
هامش:
لايزالُ
على عادته المُزمنة؛
ينسى دائماً أنه سبّاحٌ ماهر
في كلِّ مرةٍ
كان يُحاولُ فيها
الانتحارَ غرقاً..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار