ملف «تشرين».. «طوفان الأقصى» في تشرين.. الشهر الذي شق ذاكرة الاحتلال
تشرين – وائل الأمين:
استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تفرض نفسها على كل نشرات الأخبار منذ صباح أمس السبت في السابع من تشرين الأول الجاري، عملية عسكرية واسعة النطاق شنتها المقاومة الفلسطينية، لتسطر إنجازاً جديداً كبيراً لها.. واللافت في هذه العملية هو فشل الاستخبارات الصهيونية في توقعها، ما يؤكد أن الاحتلال «أوهن من بيت العنكبوت».
يفرض تشرين نفسه في ذاكرة القيادة الإسرائيلية، فالذكرى الخمسون لحرب تشرين التحريرية لم تمر مرور الكرام هذا العام، ولكي تفهم الأمور من البداية سيدي القارئ يجب أن نوضح أمرين…
الأول: في كل الأعوام السابقة كانت حكومة الاحتلال تصدّر نفسها للعالم على أنها تملك جيشاً لا يمكن هزيمته، وذلك بناء على التطور التقني والعلمي والاستخباراتي الذي يتمتع به هذا الجيش، ولذلك أرادت قوات المقاومة الفلسطينية أن تكتشف القوة الحقيقية لهذا الجيش، وإذ بها تستطيع خلال نصف ساعة فقط وبأبسط الإمكانات تدمير الجدار العازل بين غزة وغلافها ودخول أكثر من ألف مقاتل من كتائب القسام والفصائل الأخرى والاشتباك مع جنود الاحتلال وأسرهم، هذا الجدار الذي كلف أكثر من 430 مليون دولار بتكلفة إجمالية وفق إعلام العدو الإسرائيلي، ما أصاب القيادة العسكرية والسياسية والأمنية في حكومة الاحتلال بالجنون.
يلوّح العدو الإسرائيلي بعدوان على غزة ولكنه لا يعلم ما ينتظره.. المقاومة الفلسطينية
تريده أن يفعل لتعمق هزيمته.. وقد تتطور المعركة ويتوسع ميدانها باتجاه تحوّلات عسكرية كبرى في المنطقة
الثاني: ربما أكثر سؤال يدور في بال القادة العسكريين في جيش الاحتلال هو كيف لمقاتلي المقاومة بمعدات محدودة أن تنفذ هذا الهجوم الذي يعد بمثابة إعلان للحرب من قبل المقاومة، هذه المقاومة المحاصرة لأكثر من 15 عاماً استطاعت أن تصنع طيراناً شراعياً بمعدات بسيطة، أما عن سرعة دخولهم للمستوطنات فلسان المستوطنين هو الذي تكلم بأن جيشهم الذي لا يقهر قد انسحب عدد منه وتم أسر العدد الآخر، ولذلك قلت إن ذكرى تشرين تفرض ذلاً وعاراً على هذا الكيان المؤقت.
بالمبدأ هذه العملية للمقاومة لها أهداف، وأحد أهمها هو تحرير الأسرى الفلسطينيين، حيث كان التركيز واضحاً على هذه المسألة من خلال عدة بيانات وتصريحات أطلقتها فصائل المقاومة التي أكدت أنه بات بيدها ما يفك الأسرى الفلسطينيين. قيادة المقاومة حققت هذا الهدف منذ أول ساعتين لهذه العملية، فمشاهد الأسرى الصهاينة منتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة، وهذا يدل على أن قيادة هذه العملية أرادت أن تكون الصورة سلاحاً تستخدمه ضد الاحتلال لدب الرعب والخوف في قلوب جنود الاحتلال.
يلوّح الآن جيش الاحتلال بعملية برية كبيرة ضد غزة، وذلك يعني أن التصعيد مستمر، ولاسيما بعد العار الذي ركب هذا الجيش المذلول وربما هذه محاولة يريد جيش الاحتلال بها أن يلمّع صورته الدولية التي انهارت، ولكن لا يعلم ما الذي ينتظره، فلا يمكن للمقاومة الفلسطينية القيام بمثل هذه العملية (طوفان الأقصى) إلا أن تكون قد درست جيداً رد فعل الاحتلال وتحركاته، وأعتقد أن المقاومة الآن تريد دفع الاحتلال لعملية برية تزيد من خسائره وهزيمته شر هزيمة.
قد تتطور المعركة في غلاف غزة وقد تتدخل أطراف أخرى، كالمقاومة اللبنانية، ولكن يمكن القول إنه ما دامت المقاومة تمسك بزمام المعركة في غلاف غزة، فهذا يعني أن الأطراف تتابع عن كثب ولن تتدخل إلا باجتياز الاحتلال للخطوط الحمراء، والتي يمكن أن تكون بشن عملية برية ضد غزة وأهلها، وإذا ما ارتكب الاحتلال مثل هذه الحماقة فقد تتدخل المقاومة اللبنانية.
لا تزال هذه المعركة مفتوحة الاحتمالات على كل الصعد، فكما بدأت فجأة، ربما تفاجئنا أكثر، خصوصاً أنها غيّرت كل قواعد الاشتباك في المنطقة، وأهم من يعتبر أن المقاومة وحيدة في الميدان، فالكثير تحمله الأيام المقبلة، وربما نكون أمام تحوّلات استراتيجية وعسكرية كبيرة وخصوصاً أننا في شهر الانتصارات العظيمة.
هذه العملية التي قامت بها المقاومة بذكرى حرب تشرين التحريرية تؤكد أن الاحتلال أوهن من بيت العنكبوت، وهذا التضامن العربي من الجزائر إلى سورية، يؤكد أن الشعب العربي يتشوق لنصر جديد، وأي نصر هذا في تشرين، هذا الشهر الذي يعتبره العرب شهر الانتصارات على قوى الشر والظلام، ويؤكد على أن المؤرخين الإسرائيليين لو استطاعوا لحذفوا هذا الشهر من تقويمهم لأنه شهر الهزيمة والإذلال لجيشهم، ولكن ذاكرتهم لم تنسَ تحطيم خط «بارليف» بعد خمسين سنة، ولن ينسوا تحطيم الجدار في غزة ربما بعد مئات السنين، هذا إن استطاعوا أن يصمدوا أمام أبطال المقاومة.
اقرأ أيضاً: