اللغة العربيّة والدُخلاء
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
اللغة العربية أصبحت تضايقهم، فهم لا يستطيعون قراءتها، والعبارة العربية تزعجهم أيضاً لأنهم لا يستطيعون تركيبها، وهم مقتنعون بأن كل العصور التي سبقتهم هي عصور انحطاط، وأن كل ما كتبه العرب من شعر منذ (الشنفرى) وحتى اليوم، هو شعر رديء ومنحطّ.
تسأل الواحد منهم عن الشاعر«أبو الطيب المتنبي»، فينظر إليك باشمئزاز، كأنك تحدّثه عن الزائدة الدودية، وحين تسأله عن (الأغاني) و(العقد الفريد) و(البيان والتبيين) و(نهج البلاغة) و(طوق الحمامة) يردّ عليك بأنه لا يشتري أسطوانات غربية، ولا يحضر أفلاماً عربية، إنهم يريدون أن يفتحوا العالم، وهم عاجزون عن فتح كتاب، ويريدون أن يخوضوا البحر، وهم يتزحلقون بقطرة ماء، ويبشرون بثورة ثقافية تحرق الأخضر واليابس واليابس، وثقافتهم لا تتجاوز باب المقهى الذي يجلسون فيه وعناوين الكتب التي سمعوا عنها.
هؤلاء الذين يدّعون الثقافة، والذين هم بالأصل لم يعرفوا معالم الحياة العربية الجديدة، هم أنفسهم لا يفقهون ولا يعرفون أصول اللغة العربية، أدباً وشعراً ونثراً وسجعاً، وهم أنفسهم تنافسوا مع عمالقة اللغة العربية، وأساؤوا لحضارة اللغة في العصر الحديث، يلبسون قناع صانعي أدباء العصر، وهم ليسوا أدباء، فاللغة العربية هي حضارة أمة لها رب يحميها من هؤلاء.