أدواتُ العالم الجديد المناوئ لأمريكا

أتت قمّة العشرين التي انعقدت في الهند خلال اليومين الماضيين، لتراكم الخسائر الأمريكية- الغربية، وتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن التحوّلات العالمية تسير بوتيرة متسارعة تجاوزت بكثير الخطوات الأمريكية المراوحة عند هيمنة القطب الواحد ومنافسة القوى الصاعدة؛ إذ يمكن عدّ القمة إحدى أدوات العالم الجديد إلى جانب «بريكس» و«شنغهاي» وغيرها من التجمعات والتكتلات الاقتصادية والسياسية، وأيضاً إلى جانب التحول في نظام التبادلات المالية من الدولار الأمريكي إلى العملات المحلية في التبادل التجاري بين الدول الرافضة للهيمنة الأمريكية المالية والسياسية.
نقطة التحول التي وصفت بها قمّة العشرين، ليست فقط فيما يتعلق بالتوجّهات لضمان توازن المصالح في الاقتصاد العالمي، بل نقطة التحول كانت في صياغة البيان الختامي، إذ أرادته أمريكا بمنزلة إدانة لروسيا بسبب الحرب الأوكرانية، في حين أفشل البيان تلك الرغبة الأمريكية، بما يمكن عدّه أحد مفرزات مساعي التحرر من السوط الأمريكي، إذ إن الأمر لا يتعلق بالاصطفاف خلف روسيا أو الصين أو غيرهما، بل الأمر يتعلق برغبة جادّة وفاعلة في إصلاح عالمي على مختلف الصعد ولمختلف المنظمات الدوليّة، أضف إلى ذلك يتعلق الأمر برغبة في التحرر ولعب دور فاعل على الساحة الدولية واللحاق بركب الأحداث والتعددية القطبية التي باتت أمراً واقعاً، وليس مجرد أحاديثٍ.
اللافت أن الزمن الراهن هو زمن الخيبات لواشنطن سواء في مستوى علاقاتها الثنائية ولاسيما مع دول في منطقتنا وتغيير تلك الدول وجهاتها وتجديد شراكاتها بعيداً عن واشنطن، أو في الميدان، إذ قدمت الحرب الأوكرانية مثالاً صارخاً على سوء الإدارة الأمريكية التي تعمل على تسعير الصراع، كما سقطت «أسطورة» الأسلحة الغربية أمام السلاح الروسي، كما أن خيبة واشنطن كانت في السياسة وأروقتها، فمثلاً تجمع كقمة العشرين هو تجمع اقتصادي بالدرجة الظاهرة، لكن السياسة هنا هي الفاعل والمحرّك وعليه، وبناء على ما خلصت إليه القمة؛ فإن الخيبة الأمريكية كانت مضاعفةً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار