صبر أيوب!!

وأما وسيلة أيوب في ذلك “النصر المظفر” في ختام رحلة المعاناة التي ابتلي بها؛ والتي تتفق عليها مختلف المرويات الدينية، فكانت (الصبر)، وللإدهاش الذي قدمه ذلك النبي في مأثرة الصبر هذه، فكان أن غلب الفعل على الاسم حتى تقدمه، فنُعت من بعد ذلك بـ”صبر أيوب”..!
ومن الجماليات التي ورثها الإنسان عن نبيه أيوب “أبو الصبر”، كانت قدرته على تحمّل المصاعب مهما بلغت مستويات ذروتها من ارتفاع، وإدراك المرء أن “نوائب الدهر لا تدفع إلّا بالصبر”، يجعله يصنع من تلك الكلمة– الصبر- ضوءاً لطريق الحياة المعتم، وهنا إن مدحنا مفعول الصبر، فهذا ليس معناه، “الاستكانة” والاستسلام للظروف المعيشة بكلِّ ما فيها من سلبيات، من دون العمل على تخطيها، أو تجاوزها، أو حتى تغييرها نحو الأفضل..
صحيحٌ، إنّ الصبر سلاحٌ قوي، يواجه المرء من خلاله سيئات الحياة ومطباتها، ويُعمّق معرفة الإنسان أموره على اختلافها، لكنه في الوقت نفسه، إن اتخذ منهجاً لكلِّ أمرٍ يعترضنا، ودون ممارسة أي ردّة فعل تجاه السيئ من هذه الأمور، فإنه بذلك يصبح وبالاً على صاحبه، إذ يجعله مُستلب الإرادة طول الوقت، بل ويجرده من قوة الحياة نفسها..
إن كان الصبر مطلوباً في حياتنا ليمكننا من الاستمرار، وتجاوز المحن، والشروع دوماً من جديد بقوة، فإنه من المفترض ألّا يُستخدم إلّا في مكانه المناسب حتى لا يفقد معناه، وحتى نستثمر نتائجه الإيجابية فيما بعد، وإن يصبر حسن الخلُق على سيئ الخلُق أحياناً بغية إصلاحه، أو تجنب سفاهته، فتلك ميزة نبيلة، لكن أن يجعل هذا الصبر ممارسة دائمة للتعامل مع هذا السيئ، فإنه من الأخطاء غير الصغيرة، لأن الحكمة تقول :” جنّب كرامتك اللئام، فإن أحسنت إليهم لم يشكروا..”
ولهذا، فإن استعمال الصبر عند الحاجة إليه على مبدأ “الصبر مفتاح الفرج” أو “ما انقادت الآمالُ إلّا لصابر”؛ فإنَّ ذلك هو الصواب بعينه، ولكن إن جعلناه عنواناً لنا في كلِّ واقعة صغرت أم كبرت، احتاجته أم لم تحتاجه، فتلك إساءة لمفهوم الصبر ذاته..!!
هامش:
مخفقٌ قلبي
كشعارٍ إيديولوجي،
ومخذولٌ كشعبٍ
في تفاصيل هذه الحياة
المندثرة بلا فائدة، كمفردات القواميس الباردة..
انتبهي
إلى اليوم؛
مازلتُ انتظركِ كقصيدةٍ؛
الغايةُ
أن أسند جبهتي
على عشبِ وسادتها وحسب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار