ملف «تشرين».. تبني مخرجات التعليم المهني مهمة متكاملة.. بعضهم أبدى استعداده وآخرون لديهم وجهات نظر
تشرين- لمى سليمان:
على الرغم من التوجه العالمي المتجدد نحو التعليم المهني وعصرنة مفاهيم التلمذة المهنية والرغبة باستثمار ما أمكن من قدرات اليد العاملة المدربة والتي تطبق بدورها دعائم نتاج الشهادات العلمية، إلا أننا ما زلنا في سورية ننظر إلى التعليم المهني ومنشآته من مدارس و معاهد على أنها “مستودعات خردة”، وهنا لا نقصد بالخردة فائض الآليات والمنشآت والمعدات، وإنما الفائض البشري القابل للتعلم، أو ربما غير القابل للتعلم بنظر البعض، نلقي فيها من فقدنا الأمل في حصوله على تعليم عادي أو شهادات جامعية قد تكون بلا نفع.
وهنا يتساءل الجميع لمَ لا تتم إعادة تدوير هذه “الخردة” الأصلية والأصيلة، لإنتاج تميز مهني قادر على العمل والبناء؟ ولمَ لا يتم التشبيك مع وزارات قد تكون في أمس الحاجة لهذا التميز المهني بدلاً من زجهم في مسابقات من الممكن أن تقودهم إلى مستودعات مكتبية أخرى قاتلة لفرصهم؟
برامج هادفة
بعض التساؤلات كانت لها إجابة في وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية فتجيب معاون وزير الاقتصاد لشؤون التنمية الاقتصادية رانيا أحمد حول التشبيك مع الوزارة لاستثمار الطلبة المهنيين مؤكدةً في تصريح لـ”تشرين” أن الوزارة كانت قد وقعت في عام 2020 مذكرة تفاهم للتعاون مع الهيئة العليا للبحث العلمي، وذلك ضمن رؤية الوزارة لأهمية الاستفادة من مخرجات التعليم والأبحاث العلمية المختلفة، في بناء اقتصاد متطور مبني على المعرفة والأفكار الريادية وسعياً نحو تحقيق التنمية الاقتصادية واستدامة النمو.
أحمد: الاقتصاد صممت مجموعة من البرامج الهادفة الرامية إلى تشجيع
الإبداع والابتكار في إطار عملها على الاستراتيجية الوطنية لتنمية المشروعات
وأضافت أحمد إنه قد تم التوصل إلى نتائج مهمة من خلال مجموعة من الأبحاث التي سيتم عرضها ضمن ورشة عمل بحضور مستثمرين ورجال أعمال لربط المشاريع المحتملة القائمة على الأفكار مع القدرات التمويلية اللازمة لإخراج المشاريع إلى حيز التطبيق العملي.
إضافة إلى أن الوزارة بصدد تصميم مجموعة من البرامج الهادفة الرامية إلى تشجيع الإبداع والابتكار في إطار عملها على الاستراتيجية الوطنية لتنمية المشروعات، حيث سيتم تطوير برامج عمل هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة على هذا الصعيد والذي استهدف خلال السنوات السابقة العديد من رواد الأعمال وأصحاب الأفكار الإبداعية والابتكارية من خلال برامج خاصة، أو عبر بعض حاضنات الأعمال التي تعاونت فيها الوزارة عبر الهيئة مع الجامعات السورية.
ليس بالجيد
هل أُعطي طلاب التعليم المهني فرصهم وأين نجدهم في المرحلة المقبلة؟ يفسر الخبير التنموي أكرم عفيف لـ”تشرين” أصل المشكلة في تعليمنا المهني، مبيناً أن المشكلة تكمن في أن المدارس والمعاهد المهنية لم تُعطِ فرصها بالعمل، على الرغم من أن عمل أغلبية خريجيها يكونون متقنين لعملهم بناءً على التدريب المهني الذي تلقوه، ومع ذلك فإنه من الصعب أن نجدهم في الورشات المهنية، إضافة إلى أن وضع المدارس المهنية ليس بالجيد كون بعض الطلاب غير ملتزمة بالدوام والتدريب، الأمر الذي يعطي نظرة غير إيجابية عنهم.
عفيف: يجب إجراء إحصائية للخريجين واختصاصاتهم ومحاولة استثمارهم في شتى أنواع المشروعات
ويتابع عفيف: على العكس تماماً من المفترض أن تحتل المدارس المهنية الدرجة الأولى وأن تتحول شركات القطاع العام الإنشائي إلى مطارح تدريب لطلاب التعليم المهني لأنهم الحلقة الأساس في فترة إعادة الإعمار، فهذه الفترة تتطلب الكثير من الخريجين المهنيين باختصاصات عديدة من حداد ولحام وغيرها، وحتى يومنا هذا، فإن وضع أغلب الخريجين ليس بالوضع الجيد، فأغلبهم يعملون بما لا يناسب اختصاصاتهم.
وينصح عفيف بإجراء إحصائية للخريجين واختصاصاتهم ومحاولة استثمارهم في مشاريع صغيرة أو متناهية الصغر أو حتى كبيرة كورشات ومعامل ومنشآت ليكون لديهم دخل جيد يساعدهم على الاستقرار، وأن يأخذ كل منهم مكانه في العمل بما يناسب تخصصه وبالطبع فإن وجود المدارس المهنية أمر مهم ولكن الأهم هو استثمارها.
النفط مثالاً
“كل خريج معهد نفطي يتم توظيفه فوراً” إجابة واضحة وصريحة كانت للمنسق العام للمعاهد والثانويات النفطية رمضان حبوب في رده على سؤال “تشرين” حول آلية استثمار الكفاءات الطلابية في المعاهد والمدارس النفطية، موضحاً أن أي خريج معهد نفطي يتم توظيفه فوراً وذلك لأن المعاهد النفطية المهنية هي معاهد ملتزمة أي إنه عندما تصدر قرارات التخرج وتصل لمديرية التنمية في الوزارة يكون هناك طلب مسبق من الجهات التابعة لوزارة النفط لاستقبال خريجي المعاهد ليتم تعيينهم حسب الحاجات ويتم مراعاة عدد الخريجين وأماكن سكنهم ومكان التوظيف، حيث يتم الفرز للشركات والمؤسسات التابعة لوزارة النفط تبعاً لما سبق.
وأما بالنسبة للمدارس المهنية النفطية فهناك مفاضلة خاصة لطلاب الثانويات النفطية في حال نجاحهم، تصدرها وزارة النفط لقبولهم في المعاهد النفطية، وفي السابق كان يتم قبول 50% من الطلبة حسب المعدل الذي كان يفوق الـ70% ومنذ بداية عام 2015، وبسبب نقص اليد العاملة في الوزارة تم قبول كامل طلاب الثانويات النفطية في المعاهد ومن الممكن أن يكون هناك تغيير في العام الحالي بآلية القبول وستصدر المفاضلة قريباً وهناك تفويض من وزارة التعليم العالي لقبول الطلاب حسب اختصاصهم في المعاهد النفطية.
حبوب: أي خريج معهد نفطي يتم توظيفه فوراً
وبيّن حبوب أن هناك أربع ثانويات نفطية تابعة لوزارة النفط كما تم افتتاح ثانوية جديدة تابعة لعدرا بريف دمشق بالمؤسسة العامة للجيولوجيا.
ربط المخرجات
تبدو مشكلة تسويق المُخرج الإنتاجي للورش أو المشاغل الموعودة لخريجي التعليم المهني، وحل هذه المشكلة يبدو في ملعب عدة جهات رسمية وأهلية قادرة على تسويق المنتج الموعود، وهي وزارة التجارة الداخلية بصالاتها المنتشرة على امتداد الجغرافيا السورية، ووزارة الاقتصاد المعنية بالتصدير عبر هيئة تنمية الصادرات، وغرف التجارة السورية من خلال المصدرين..
وبالمناسبة…لدى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية مجموعة كبيرة من برامج الدعم التي يمكن أن يستفيد منها خريجو التعليم المهني، كبرنامج دعم إحلال بدائل المستوردات، وبرامج دعم القروض، وبرامج دعم الإنتاج الزراعي والصناعي، وبقي على الوزارة أن تعلن عن برامج لدعم الصناعات الحرفية، فلهذه سوقها أيضاً.
المهمة متكاملة وبالغة الحساسية، وعلى الحكومة ممثلة بوزارة التربية أن تسعى لإبرام اتفاقات مع هذه الجهات وإعلانه، كأحد المحفزات المهمة لاستقطاب الطلاب إلى التعليم المهني، خصوصاً الباحثين عن مشروع صغير كخيار حياتي للمستقبل، وأعداد هؤلاء في تزايد اليوم.
اقرأ أيضاً: