القرطاسية واستثمار الأصول
مع بداية كل عام دراسي تبدأ عدة جهات حكومية وأهلية بطرح مبادرات لتأمين المستلزمات المدرسية بتكاليف أقل من تكاليف السوق بما يوفر على الأهالي جزءاً يسيراً من التكلفة ربما بنسب تصل في حدها الأعلى إلى ٣٠%…
إلا أن الجهة الأولى التي يفترض أنها المعني الأول بالعملية التربوية وهي وزارة التربية فإن دورها يكون محصوراً بالإعلان عن تهيئة المدارس ووضع الخطط الدراسية وتوزيع المعلمين وتنظيف المدارس وحماماتها، وإصدار بعض التعاميم عن الطلب من المدارس التقليل من طلباتها أثناء العام الدراسي من طلابها كالملابس أو بعض القرطاسية وغيرها…
وزارة التربية لديها أبنية كافية وكوادر مؤهلة في التعليم المهني وطلاب في المدارس الصناعية يرغبون في ممارسة فعلية لمهنهم والابتعاد عن روتين الدروس النظرية المنفرة لشباب في عمر المراهقة، لذلك لماذا لا تستثمر ما لديها من إمكانات مادية وبشرية بمزايا تنافسية كبيرة مقارنة بتجار القرطاسية والملابس المدرسية في تصنيع احتياجات طلابها “زبائنها” وفق أحدث النماذج بما يلبي جميع الاحتياجات…؟
المعلوم أن تجار القرطاسية والملابس المدرسية يجدون في موسم افتتاح المدارس تعويضاً عن فترة طويلة من قلة الطلب لذلك يبذلون أقصى الجهود لتحقيق أرباح كبيرة تعوضهم عن باقي الأشهر، فيسعرون بأسعار تتراوح نسب ربحهم فيها ١٠٠%، ويمكن في بعض المستلزمات أن تتضاعف هذه النسبة أكثر من مرة، لعدم وجود منافس لديه هدف اجتماعي تعليمي إنساني في السوق، ما يزيد من حبهم لجني الأرباح لا بل والشكوى من قلتها!!
دخول وزارة التربية وربما وزارة التعليم العالي هذا الشق الاستثماري ليس بأمر صعب طالما تتوافر لديهم احتياجاته المادية والبشرية، لكن استمرار التفكير التقليدي باقتصار دورهما على حشو المعلومات النظرية في عقول الطلاب، يفقدهما عوائد قد تكون هائلة يمكنها أن تحسن من وضع العاملين في الوزارتين بحوافز مجزية، وفي الوقت نفسه تحقيق هدف اجتماعي بحماية الطلاب من استئثار التجار بكامل الحصة السوقية و”تفرعنهم” في التسعير كما يحلو لهم، لكن هذا يحتاج إلى تحديث نمط التفكير السائد منذ بدايات القطاع العام واتباع الديناميكية في إدارة الأصول المادية والكوادر البشرية، وطالما أن الحكومة تبحث عن موارد لتمويل نفقاتها المتزايدة في ظل محدودية الموارد المتاحة ليس من المتوقع أن يتم رفض أي مقترح أو تعديل قانوني في هذا السبيل…