الرئيس المواطن والرئيس المسؤول.. وسياسة الأبواب المفتوحة أمام الجميع على قاعدة «سورية أولاً».. آراء في مقابلة الرئيس الأسد مع قناة «سكاي نيوز عربية»
تشرين – بارعة جمعة:
رغم أن الأجواء العامة لا تنحو كثيراً باتجاه التفاؤل، خصوصاً أن المسارات على الساحة السورية – العربية كلما تقدمت خطوة إلى الأمام تراجعت خطوتين إلى الوراء.. رغم ذلك لا يتخلى السيد الرئيس بشار الأسد عن الحديث بتلك الروح الإيجابية البناءة التي أساسها الصراحة والشفافية في عرض القضايا، سواء المتعلقة بسورية أم بالدول العربية، أو العلاقة مع تركيا أو مع الولايات المتحدة.. في حين أن الحليفين الرئيسين، روسيا وإيران، لهما دائماً خصوصية في كل حديث لسيادته، وبنفس الصراحة والشفافية.
وهذا ما كان خلال مقابلة الرئيس الأسد أمس مع قناة «سكاي نيوز عربية» وفيها يواصل سيادته توصيف المشهد، سورياً وإقليمياً ودولياً، بمنتهى الدقة والموضوعية كما يقول الدكتور أوس درويش أستاذ القانون الدولي في جامعة دمشق، مشيراً إلى حديث الرئيس الأسد عن العلاقات السورية – العربية وأنها لم تتقدم إلى الأمام لأنه لا توجد حلول للمشكلات العالقة، وهذا بدوره ينطبق على الجامعة العربية منذ تأسيسها، فهي لا توجد حلولاً وهي ليست فاعلة وهذا توصيف دقيق، الجامعة العربية لا تعمل بمناخ مؤسسات بل بمزاج خاص.
الدقة والواقعية
ويضيف الدكتور درويش: إن الرئيس الأسد تحدث عن أنه في غياب الدولة في أي بلد، لا بد أن تنتشر الفوضى التي من ضمنها قضايا كالمخدرات، وأن الدول التي رعت الإرهاب ونشرته هي من يجب أن يُلام على هذه القضايا، وليس الدولة السورية.. فيما كان سيادته دقيق الاجابات فيما يخص العلاقة مع حماس، واصفاً سلوكها بالغدر مقابل احتضان سورية، دولة وشعباً لها، خصوصاً عندما يرى السوريون قياداتها ترفع علم الانتداب الفرنسي على سورية في الوقت ذاته الذي تدعي فيه المقاومة، وعليه فإن عودة العلاقات إلى سابق عهدها سابق لأوانه.
وتابع الدكتور درويش: الدقة والواقعية نفسهما كانتا ركيزة حديث الرئيس الأسد عن تركيا واللقاء مع رجب أردوغان، وكان التركيز مجدداً على الانسحاب أولاً قبل أي لقاء أو تطبيع للعلاقات.. أما الحديث عن الحلفاء، روسيا وإيران، فكان شفافاً واقعياً ليؤكد سيادته صوابية التوجه السوري باتجاه موسكو وطهران قائلاً: «نحن بالبداية لم ندّعِ أننا دولة عظمى، ولم نقل إننا قادرون على محاربة العالم، فمن الطبيعي أننا عندما طلبنا من أصدقائنا أن يقفوا معنا، لأننا بحاجة لهذا الدعم، فوقوفهم معنا كان له تأثير مهم في صمود سورية، هذا شيء من البديهيات، لكن لا يمكن للأصدقاء أن يحلوا محلنا في الحرب وفي المعركة وفي الصمود، هذا شيء أيضاً من البديهيات.. الصمود الحقيقي هو صمود الشعب».
أهم القضايا
المقابلة مع الرئيس الأسد حاولت أن تتطرق إلى كل القضايا، لتركز بشكل أساسي على العلاقات العربية، والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على سورية، وفي هذا الخصوص أكد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور تركي صقر أن الرئيس الأسد أوضح مواقف سورية من مختلف القضايا الراهنة وفي مقدمتها تصدي سورية للإرهاب خلال أكثر من عشر سنوات، وقيام العدو الإسرائيلي بتنفيذ سلسلة مستمرة من عمليات العدوان على سورية لدعم المجموعات الإرهابية. كما تطرق سيادته إلى سياسة الحصار الاقتصادي التي تمارسها الولايات المتحدة وأوروبا تحت عنوان «قانون قيصر» الذي استطاعت سورية التغلب على مفاعيله جزئياً.
وعن عودة اللاجئين السوريين عزا سيادته أسباب عدم الإقبال على العودة إلى مسألة عدم نجاح إعادة الإعمار وعدم توفر الظروف التي تساعد في عودة الحياة للمناطق المتضررة من جراء الأعمال الإرهابية.
وحول وضع المعارضة في سورية ميّز السيد الرئيس بين المعارضة الوطنية المرحب بها سواء كانت في الداخل أم في الخارج والمعارضة المرتبطة بأجندات خارجية وتتبنى المشروعات الخارجية فهي مرفوضة ولا مكان لها في العمل الوطني.
وعن العلاقة مع نظام أردوغان، أوضح السيد الرئيس أن لا تقارب مع النظام التركي بشروط أردوغان الذي يريد المصالحة مع سورية مع الإبقاء على الاحتلال، وهذا مرفوض وقبل الإعلان عن الانسحاب من الأرض السورية لا مجال للحديث عن عودة العلاقات.
سورية والعرب والعلاقة مع أميركا
العميد تركي حسن المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي عرض للعلاقة بين سورية والولايات المتحدة الأميركية ما بعد الاستقلال وفق ما جاء في مقابلة الرئيس الأسد مع «سكاي نيوز عربية» حيث أكد سيادته أن هذه العلاقة لم تكن طيبة، ولم تتجاوز العلاقة العادية في أحسن الأحوال.
ويضيف الخبير حسن منذ العام 1946 بعدما نالت سورية استقلالها، خصوصاً في الخمسينيات والستينيات، لم تكن العلاقة بين سورية والولايات المتحدة علاقة وفاق بأي شكل من الأشكال، الحالة الاستثنائية الوحيدة كانت في السبعينيات عندما تمت «اتفاقية الفصل 1974» على يد هنري كيسنجر الذي كان يأتي إلى سورية ويلتقي الرئيس المؤسس حافظ الأسد ضمن ما أطلق عليه سياسة «الخطوة بالخطوة».
مع ذلك لا يمكن القول عن هذا الاستثناء بأنه كان مرحلة ذهبية في العلاقة، لأننا لم نخضع للولايات المتحدة ولا في أي لحظة، وكانت هي ضد التوجهات الوطنية للقيادة السورية. والرئيس الأسد أشار خلال مقابلته إلى هذه المرحلة.
ويتابع حسن، منذ عام 1974 حتى الآن، يتوجه الموقف العربي بالاتجاه الآخر ضد سورية، والعقوبات تطولنا منذ ذلك العام، وهي تعززت مع اتفاقية «كامب ديفيد»، وتضاعفت في الثمانينيات، وكان الرئيس المؤسس حافظ الأسد يرفض زيارة أميركا، وكان المسؤولون الأميركيون ومنهم الرئيس بيل كلينتون مثلاً، هم من يزورون سورية.. واستمرت سياسية العقوبات مع بدء هذه الألفية وصولاً إلى قانون قيصر.
ويؤكد الخبير حسن أن السوريين يجمعون على أن النزوح الداخلي واللجوء الخارجي مرّ بظروف مختلفة وكيف تم استغلاله واستثماره سياسياً – وكله برعاية أميركية – في المحافل الدولية للضغط على الدولة السورية، من خلال إبقاء قضية اللاجئين بصورة دائمة على طاولة الأمم المتحدة، وقد تطرق سيادته إلى هذه المسألة خصوصاً كيف أن تعطيل عملية إعادة الإعمار تسهم بشكل أساسي في التأثير على عودة اللاجئين، مضافاً إليها تأثيرات قانون قيصر وانعكاساته اقتصادياً وبما يضاعف المعاناة المعيشية ويوسع التضييق على أرزاق السوريين ومصادر عيشهم، حتى في أبسطها من جهة، وفي أخطرها من جهة ثانية كما هو حال استهداف القطاع الصحي بالعقوبات.