أجور بلا سقوف ..!
أن تكون موظفاً، مهما وصلت شهاداتك العلمية، فهذا كفيل اليوم بأن يثير شفقة وعطف بعض من يعملون في المهن الحرة التي لا تتطلب عناء الدراسة، ولا مضي سنوات من العمر جرياً وراء تحصيل الدرجات للحصول على شهادة عليا تؤهل صاحبها لنيل فرصة عمل، وإنما تتطلب بعض الوقت لتعلّمها وإتقانها، لتفتح أمامه باباً واسعاً لأن يحقق من ورائها مكاسب، قد يحتاج الموظف سنوات لتجميعها، ولن يستطيع، عدا أن عليه دفع ضرائب من راتبه!
ليست مبالغة، فراتب الموظف الشهري لا يساوي جزءاً صغيراً مما يمكن أن يتقاضاه عامل في مهنة حرة يومياً، مقابل خدمة قد لا تحتاج إلى ساعة من الزمن أو أقل من ذلك بكثير لإنجازها! وتعيس الحظ من يحتاج خدمة هذا العامل إن كان لتصليح أيّ من التجهيزات الكهربائية أو التمديدات الصحية أو غيرها من “التصليحات” في منزله أو سيارته, إذ يتقاضى من يعملون في تلك المهن مبالغ كبيرة لا حدود معينة لها، وحسب ما يحلو لهم، فلا رقيب عليهم ولا حسيب، وطبعاً المحتاج لخدمتهم مضطر ومجبر على الدفع، فلا خيار أمامه إلّا ذلك, أو أن يستغني عن الجهاز المتعطّل .
خدمات كثيرة أخرى نحتاجها في تفاصيل حياتنا اليومية، كلها تتطلب منا الدفع ومن “فم ساكت” من دون أي جدال، فلا جهة تحدد للعاملين فيها أجور خدماتهم، فيسعِّرون كيفما يحلو لهم متذرعين بظروف الحياة المعيشية وصعوبة تأمين لقمة العيش، لكن ماذا عن المواطن المحتاج لخدماتهم؟ ألن تضطره أجورهم لاقتطاع جزء كبير من مصروف أسرته والاستغناء عن الكثير من حاجياته الأساسية وربما لأشهر طويلة لقاء تلك الأجور؟
واقع يطرح تساؤلاً: لماذا لا يتم تنظيم كل مهنة ضمن نقابة معينة ينضوي تحتها العاملون في تلك المهنة، وتحدد أجور خدماتهم بما يناسب جميع الأطراف، وتفرض عليهم ضرائب، بدل أن يترك لهم الحبل على الغارب؟
ويمكن أن تقوم تلك النقابة بنشر أسمائهم وأماكن وجودهم لتكون بمنزلة إعلان لهم، ويتسنّى عندها للمواطن أن يتقدم بشكوى في حال تعرّض للغبن وتكون هي الفيصل بينهم، كما أن ذلك يردعهم عن التجرؤ وطلب مبالغ لا سقف لها، قد تساوي ثمن الجهاز الذي يقومون بتصليحه؟!