البناءُ على النجاحات القديمة!!
شهدت الساحة الغنائية السورية، ومنذ أكثر من عقدٍ من السنين إلى اليوم تأسيس أكثر من فرقة غنائية، أعضاؤها يتراوحون بين (الثنائيات)، وبين ما يتجاوز الثنائي للفرقة المتعددة الأعضاء من عازفين ومؤدين، بل وحتى الأصوات الفردية التي بنت نجاحها على أداء أغانٍ قديمة.. لأن عماد هذه الفرق بأنواعها كان أصواتاً تجيد الغناء، ونحن هنا لا نشكّ في حسن أصواتها، غير أن من سجّل النجاحات من هذه الفرق والمغنين؛ كان قائماً على أغانٍ سبق لمطربين مشهود لهم في الموهبة أن أدوها في أزمنةٍ سابقة ولاسيما في عقود ثلاثة من القرن الماضي، وأقصد على وجه التحديد: السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.. ونادراً كان دون هذه العقود.
أقول لقد سبق أن أداها أصحابُها بما يليق باللحن والكلمة والأداء، ومن ثمّ أمست بعد تلك العقود، – وربما بعد وفاة أصحابها الحقيقيين-، وكأنها اليوم تراث أو فلكلور لدرجة يصبح أي مؤد لها لا يحتاج إلا للصوت الحسن حتى تُستاغُ مستفيداً من رصيدها الوافر في الذاكرة الجمعية للناس، وهي فرصة لسماعها من جديد ولاسيما بتوزيعٍ مختلف قليلاً.. ومن ثمّ ليس من فضيلة إبداعية للمغنين الجدد لهذه الأغاني التي تختزن رصيدها الطيب في الذائقة الجمعية.. بل حتى أداء الأغاني المجهولة الملحن وصاحب الكلمات والتي تدخل فيما اصطلح عليه الفلكور؛ يدخل في هذا النجاح السهل!!
كما يزداد مؤدو هذه الأغاني حظوةً فيما يؤدونه بانقطاع الإذاعات والمحطات الفضائية في بثِّ وعرض هذه الأغاني القديمة، وهو ما يمنحُ المستمعَ مناخاتٍ وافرة وحميمية من النستالوجيا والحنين، ولاسيما مع تصحر فضاءات الأغنية اليوم ونزولها للدرك الأخير من الابتذال والسوقيّة في الكثير منها.
وهي – في تقديري- لعبة فنية رائعة من هذه الفرق والأفراد في استثمار النجاحات السابقة لهذه الأغاني ورصيدها الوافر بين الناس، لتصعد هي وتشتهر بدورها ولاسيما أيضاً مع سوء التسجيلات القديمة بفعل التخزين وعوامل الزمن التي فعلت فعلها في هذه التسجيلات.
بل حتى الدراما انتبهت لهذه الجماليات الغنائية، وهذا ما تجلى واضحاً في مسلسل (عاصي الزند) خلال موسم الدراما الماضي من استثماره فن الموال – العتابا، في الذائقة والذاكرة الشعبيتين.. لكن نظرة عن قرب؛ نرى أنه ليس من إبداع حقيقي فيما يقدمه المغنون الجدد في هذه الفرق.. والفضيلة الوحيدة في هذا المجال كانت في إحياء الغناء الأصيل بشقيه الشعبي والطربي، وإنقاذ الذائقة اليوم مما تتعرض له من «بوس الواو» وصولاً لـ«أكبر غلطة بحياتي» وكل ما بينهما من «الإليسات والكلينكات والذَكريّات والسواسيات» وغيرهن.
هامش موال
من وحي المناسبة:
…………………………
حبيبي عن عيوني؛ قريب وبعيد،
وعليه بردد الآهات، وبعيد،
ويا بوي
و ما بدّل طلتو بأفراح وبعيد،
وأنا بعيّد متى يلفوا الأحباب..