كوميديا واقعيّة
منذ سنوات، وفي إحدى حلقات مسلسل كوميدي، يفترض أنه يحاكي واقعاً افتراضياً من باب الإضحاك، تفاقمت مشكلة حفرة في وسط الطريق، ما أدّى إلى تضرّر العديد من الآليات ولم يسلم المارّة من الوقوع فيها والتعرّض للأذى، وسط عجز المعنيين عن حلّها، وأخيراً تفتقت أذهانهم عن فكرة ” صميدعية ” وهي إيجاد سيارة إسعاف بجانب تلك الحفرة لإنقاذ من يسقط فيها!
سنوات عدّة مرّت على عرض تلك الحلقة، إلا أنها وإلى اليوم مازالت تحاكي واقعنا مع بعض الجهات، ويمكن إسقاطها عليه، فترى بعض من توكل إليهم المهام يلجؤون إلى معالجة النتائج ويشيحون النظر عن الأسباب التي أدت إليها، بل يتراخون في معالجتها وأخذ العبرة من حالات مشابهة سابقاً !
ما حصل في إحدى قرى مصياف بريف حماة مؤخراً من حالات التهاب كبد وبائي عند أعداد كبيرة من المواطنين بسبب تلوّث مياه الشرب، أو ربما اختلاطها مع مياه الصرف الصحي، يجب التوقف عنده مليّاً.
صحيح أن الجهات المعنية تداعت، وتضافرت جهودها للبحث في الأسباب وإسعاف الحالات المصابة، والعمل ما أمكن على احتواء المشكلة منعاً لتزايد الإصابات وانتقال العدوى، لكن السؤال: لماذا ننتظر وقوع المشكلة وتفاقمها ثم نبدأ البحث مع جهات أخرى بعلاج نتائجها و”لملمتها” ما أمكن؟
أصوات الأهالي ومطالبهم بتأمين مياه صالحة للشرب في بعض قرى حماة، وغيرها من المحافظات، ليست جديدة، بل متجددة، والعطش يلفّ تلك القرى، فتراهم يبحثون عن أي بئر أو “صهاريج ” يشربون منها، بينما بعض المعنيين يغطّون في نوم عميق ويصمّون آذانهم عن تلك الأصوات.
ما حصل في تلك القرية من حالات التهاب كبد وبهذه الأعداد سبقته حالات مشابهة في مناطق أخرى سابقاً، ولم يأخذ المعنيون العبرة منه، ويسرعوا في حل مشكلات مناطقهم حماية لأرواح البشر.
للأسف يتناسى بعض من توكل إليهم المهام أنه جيء بهم لتأديتها بكل أمانة، كما يتغافلون عن أنّ المسؤولية تكليف وليست تشريفاً. فمشكلة التلوّث وتعريض أرواح الناس للخطر يجب ألا تمرّ مرور الكرام، بل يجب معاقبة المسؤولين عنها والمتسببين بها من جراء تقصيرهم في واجباتهم، وإلّا كما سمعنا عن تلك الإصابات في هذه القرية سنسمع عنها مستقبلاً في مناطق أخرى وسيبقى “الحبل على الجرّار ” …!