من هنا يبدأ الرحيل!
وكأن أيام الراحة والعطلات لم تعد تناسبنا!!، حيث يكثر”السق و النق”، وحدث أن صديقتي بعد يومين من العطلة صار لديها متسع من الوقت لتفكر وتتأمل وتمعن النظر في فنون الحياة ولأنها كانت بحاجة إلى الفضفضة دعتني إلى فنجان قهوة، وكنت قد وعدتها بزيارة خلال العطلة.. ومع الرشفة الأولى قالت صديقتي شيئاً غريباً ما هكذا كان مذاق القهوة ! ما هكذا كان لون السكر! ما هكذا كانت الفناجين! ما هكذا كانت الأيام الخوالي ..! وقبل أن تكمل قصيدتها بدأت أغني لها ما غنته فيروز عن هذا الوجع “كان أوسع هالصالون.. كان أشرح هالبلكون.. وطبعاً أنتَ يا حبيبي ..حبّك كان قدّ الكون .. ياضيعانون راحوا …” وعند هذا المقطع بدأت صديقتي بذرف الدموع.. والحمد لله كنت أحمل بعض المناديل الورقية احتياطاً وأخبئها في مكان آمن في حقيبتي بعد أن صارت عبوة المحارم الورقية بآلاف الليرات.. قلت لصديقتي “فضفضي” .. ولا تتركي الهم في قلبك.. أنا أسمعك..وكم من همٍّ يكفي أن نبوح به ليسقط عن كاهلنا .
مسحت صديقتي دموعها..هززت رأسي أوافقها الرأي قبل أن تنبس بحرف لتعرف مدى دعمي لها! ..لكن ما صدمني أن صديقتي أشهرت في وجهي وثائق السفر قالت:«صحيح أنها ليست أمنيتي أن أسافر لكن الاستمرار على هذا المنوال صعب جداً ». قالت: في الأمس صار زوجي يضطر للعزف في محلات ومطاعم «تصل فيها ضجة الصحون والصراخ لدرجة أنه لا أحد يسمع فيها شيئاً». و اليوم بدأت أشعر بشعوره عندما رفض الانضمام لنادي الفن الهابط الذي يطغى عليه الفيديو كليب، ويتكاثر فيه من يغنون بمختلف أعضاء أجسادهم عدا حناجرهم “انتهى فنجان القهوة..ودّعت صديقتي وأنا أفكر كيف استطاعت شركات الإنتاج الإمساك بالسوق كله وهم السبب وراء تطفيش صديقتي وغيرها وقعودهم في البيت”.