أزمات مكشوفة
بالعودة إلى العقود الماضية, و” النبش” قليلاً في سنواتها وما مرّ على شعبنا فيها من أزمات وحياكة مؤامرات, فإننا نجد الكثير فيها, بحيث يكاد لا يمرّ عام إلّا والدسائس والمؤامرات على أشدها من قبل الدول الطامعة بخيرات شعبنا..!
لكن كأزمة السنوات العشر الماضية وأكثر فهي الأشد خطورة , والأكثر ظلماً, لا بل تجمع شراسة الكون وظلمه في وقت واحد وذلك لأمرين, كلّ واحد فيها أخطر من الآخر, الأول الحرب الكونية وأدواتها التي استهدفت كل مكونات المجتمع , والثاني المتآمرون من أهل البلد وعلى رأسهم بعض تجارنا الذين ركبوا الأزمة وزيفها وبدؤوا باستغلال الأزمة وزيفها, ومازالوا مستمرين, فأزمة اليوم كشفت زيف الكثير من التجار وخاصة ضعاف النفوس الذين يتلاعبون بقوت المواطن, والأهم كشف هشاشة الجهات الرقابية في معالجة مشكلات السوق , لا بل تواطؤ الكثير منها مع بعض فعاليات السوق لاستغلال ما يمكن استغلاله لتكوين الثروة على حساب مقدرات الوطن والمواطن، بكافة الاتجاهات والمجالات مستغلين انشغال أجهزة الدولة وأدواتها في معالجة أسباب الأزمة, ومكافحة الإر*ه*اب المسعور و المتكالب على مقدرات شعبنا وبلدنا..!
وبالتالي الأزمة الحالية أشد خطورة من السابقات لأنها كشفت كل ما هو مستور بكل أبعاده وفي كل القطاعات، بحيث لم تعد هناك أزمة واحدة , بل تعددت وجوهها, وتنوعَ مستغلوها, وكَثُرَ المتآمرون على أسواقنا المحلية وأهلها, وخاصة الحرامية من التجار, وتواطأت بعض الأجهزة الرقابية معهم , ومن أمثالهم في ميدان الإنتاج وما يمارسونه من عمليات غش وتدليس وسرقة وتعدٍّ على مواصفات الإنتاج وجودته , وأقل ما نذكر فيها ما يحدث في قطاع الغذاء والألبان والأجبان, والمتاجرة بالمواد والمواسم, والتلاعب بالأسعار وعدم استقراها, فكل تاجر مهما كان وزنه وحجمه في السوق (يغنّي على ليلاه) تحت تأثير تراخي الأجهزة الرقابية في ضبطها إيقاع السوق وحمايتها, وما يحدث من فلتان في الأسعار على مدار الساعة خير دليل وبرهان لما نقول!..
لذلك نقول: المستور لم يعد مستوراً ، والغش على مرأى ومسمع الجميع, فلا الحليبَ حليبٌ ولا اللبن لبن, ولا رغيف الخبز كسابق أيامها, ولا حتى المنتجات الأخرى تشبه حالها أيام الرضا وسلامة إنتاجها وأسواقها..!
حجج كثيرة ومبررات أكثر منها لأهل الغش والسرقة, فمنهم يختبئ خلف ظروف الأزمة, وآخرون خلف أسعار المستلزمات وصعوبة تأمينها, وهؤلاء نجدهم في كل القطاعات مازالوا (يسرحون ويمرحون ) من دون روادع قانونية تمنعهم, ولا حتى ثوابت أخلاقية توقف استغلالهم, لا بل زادت أفعالهم وسرقاتهم, وعلى مرأى ومسمع حوالي 24 جهازاً رقابياً , فالأسعار “مولّعة “، والتزام التجار مفقود رغم مئات الضبوط التموينية و غرامات مئات الملايين من الليرات يومياً, وحال السوق (لا حياة لمن تنادي).. كشف المستور, والرضا من كل شيء مفقود, وبقي الأمل بالحلول بأدنى الحدود !..
Issa.samy68@gmail.com