غيث المواهب
كنت أراقب بعض الأطفال الأصحاء وهم يمسكون أيدي الأطفال المع,قين فوق الكراسي المتحركة..الأشكال والألوان واللوحات كانت توحي بالكثير من العفوية والصدق والصداقة وأحلام الأمهات وفرحهن بأن أطفالهن رغم الإعاقة الذهنية قادرون على إيصال رسائل هامة عبر لوحاتهم .
ليس من السهل التعامل مع أطفال يعانون الإعاقة الذهنية..وجع الأهل يفوق مصاعب التعبير عن وحدة وعزلة هؤلاء الصغار..لا يعنينا هؤلاء الذين يرمون أبنائهم أو أقاربهم في دور للأيتام والرعاية..وإنما نرفع القبعة وننحني أمام هؤلاء الذين يفكرون كيف يساعدون هذه الشريحة على التعبير عن نفسها وإثبات وجودها في زخم الحياة ..كانت التجربة رائعة يجتمع فيها أطفال يعانون إعاقة ذهنية مع أطفال أصحاء في معرض تشكيلي واحد..هل يمكن تخيل العيون الجميلة والبريئة التي تجعل الأيدي تتشابك والقلوب تتعاطف والابتسامات تزين الوجوه الصغيرة !!!
في ذلك المساء احتضن المركز الوطني للفنون البصرية معرض الورشات الفنية الثالث لنحو 60 طفلاً ويافعاً من ذوي الإعاقة والأصحاء ضمن خطوات دمجهم في المجتمع ليكون لهم حضورهم الخاص ضمن الحراك التشكيلي السوري.
وأظهر المعرض مواهب الأطفال المشاركين في رسم الذات والآخر والتركيب ومزج الألوان واستخدام الورق الملون وتوظيف الخيال لكشف مقدرات الأطفال وتشجيعهم دون التقيد بقواعد المدارس التشكيلية.
لم يكن المعرض وليد المصادفة، فتدريب أطفال صغار ويافعين على الرسم والنحت كان مهمة إنسانية بالغة الروعة جعلتنا نتواصل مع هذه الشريحة التي تبدو غامضة للكثيرين ويؤثرون الابتعاد عنها أو تلافيها في حين أظهرت اللوحات أن القلوب الصغيرة هي منجم إبداع وجمال ورقة، وهي كنز حقيقي من الصدق والبراءة لمن يحسن التعامل معها .
غادرت المعرض ولسان حالي يقول..لا يهم بما يصفك الناس، فأنت في نظري يا صغيري أحلى الناس.. لو أنهم يرون جمالك في قلبي ويرون إعاقتك بعيوني لعرفوا كم تستحق من الحب والرعاية وكم هو قلبك بريء وحنون …