مابين الورد والوارد
بات الأمن الغذائي في مقدمة أولويات العالم، وبينما تدور رحى الصراعات والأزمات العالمية نجد أزمة الغذاء العالمي تفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول مستقبل القطاع الزراعي.. لقد كانت سورية على مرّ التاريخ من الدول الزراعية التي تتميز بجودة الإنتاج تزرع وتصدّر منتجاتها الزراعية، وبتأمين رغيف خبزنا من قمحنا وثيابنا من قطننا وصوفنا.. ولا نبالغ إذا قلنا إن سورية بتنوعها وعراقتها وخيراتها كانت تستطيع تأمين أغلب احتياجاتها والاكتفاء بما تزرعه وتصنعه رغم المستويات التكنولوجية والمعرفية المتواضعة .
لكن ..! ما حدث من أزمات وحصار وفوضى جعلت الأمور تسير على غير ما يرام.. بدءاً من هجرة الكثير من العوائل من الريف إلى المدينة بحثاً عن أعمال خدمية ووظائف تدر دخلاً ثابتاً بعد أن أصبح القطاع الزراعي طارداً للتشغيل ليس بسبب إحلال الآلات والمعدات محل العمال وإنما بسبب تدني الإنتاج وارتفاع التكاليف وتدني العوائد، وخلال مراجعة سريعة للواقع الزراعي خلال عام نتلمس بعض المؤشرات التي تحتاج حلولاً عاجلة في مقدمتها انخفاض نسبة الأراضي التي تمت زراعتها مقارنة بالأراضي الصالحة للزراعة، أضف إلى ذلك تراجع إنتاجية الدونم وتراجع دعم المزارعين، ما يتطلب إجراءات وخططاً لتوسيع نطاق التكنولوجيا في الاستثمار الزراعي وإيجاد آليات فعالة لمعالجة شح المياه ولاسيما مع تزايد الطلب على الغذاء .
إنّ الظروف التي نعانيها يمكن الخروج من ضيق حلقتها عبر تشجيع المزارعين على زراعة واستثمار جميع الأراضي الممكن زراعتها لتوفير الأمن الغذائي لعوائل الفلاحين والمناطق المتاخمة لهم .. وتشجيع تربية الحيوانات المنزلية كالدجاج البلدي والأبقار بكميات تمكّن الأسرة الريفية من الاعتناء بها والاستفادة من البيض والحليب والألبان وتوفير فرص عمل ومساعدة الفلاحين على تسويق منتجاتهم مباشرة وعبر الاستفادة من صفحات التواصل الاجتماعي.. وكذلك تربية النحل وغير ذلك ..
إن وضع هذه المشاريع ومساعدة الراغبين في الاستثمار الزراعي بمشاريع صغيرة هو أفضل وأسرع الحلول في ظل ما نواجهه من تحديات ولاسيما على مستوى تأمين الأمن الغذائي.. ونعتقد أن ما يتم توفيره من اعتماد وتمويل بشرط أن يصل إلى الشريحة المستهدفة الراغبة بالاستثمار بمشاريع زراعية صغيرة هو تكلفة تقل بكثير عن تكلفة الاستيراد.