لا وقت للمجاملة!
ليس هناك متسع من الوقت حتى ننتظر على قارعة الطريق, نتلمس في هذا الانتظار من يشدنا أو يأخذ بيدنا نحو مبادرات ذاتية، تتماشى مع ما هو مطلوب على صعيد الشأن العام المثقل بالهموم ومشكلات معيشة المواطن, ومفردات الأزمة التي أرخت بثقلها على مكونات اقتصادنا الوطني.
وبمعنى أصح؛ ليس هناك مجال للمجاملة، أو جبر الخواطر على صعيد العمل الحكومي والشعبي، لأن ما ينتظرنا تبعات حرب وحصار أرهقنا جميعاً، ولا يحتمل ذرة من المجاملة، بقدر ما يحتاج قرارات شجاعة, وإجراءات جريئة نستفيد خلالها من فرص تسمح لنا بالتفاتة إلى الماضي للاستفادة من عصر ذهبي عاشته بلدنا وانتعشت فيه كل مكونات الاقتصاد، وتكوين بنية مؤسسات حكومية عددها فاق المئات على صعيد الإنتاج والخدمات، حملت مهمة التصدي لواقع فرضته ظروف الحرب فكانت على قدر المسؤولية الوطنية, رغم ما أصابها من ضعف ووهن في الأداء على المستويين الإداري والإنتاجي وانعكاسه بصورة سلبية على بعض مواقع العمل.
إلّا أن ذلك لم يمنعها من إثبات قدرتها على مواجهة التحديات التي فرضتها ظروف الأزمة، بدليل أننا لو أجرينا مراجعة شفافة لهذا الأداء والبحث في تفاصيله, نجد أن حالة من البناء المتين الذي بنيت عليه خلال العقود الماضية مكنتها من الصمود ومواجهة أشرس حرب كونية استهدفت كل مكونات اقتصادنا الوطني بصورته الكلية، وشكلت هذه المؤسسات قوة اقتصادية كانت بمثابة الوعاء الذي استوعب ارتدادات الحرب والعقوبات، ومازالت تمارس الدور نفسه رغم ما تعانيه من أزمات وحالات نقص في الكادر والخبرات.
لكن أمام ذلك كله، ومع معرفتنا بأهميتها مازلت مؤسساتنا تعيش حالة من الفوضى، تعيشها تحت تأثيرات تداعيات الحرب ومفاعيلها السلبية، تفتقر فيها للكوادر الإدارية التي تعيد بوصلة القوة لهذه المؤسسات، من دون أن نتجاهل الجهد الحكومي في هذا المجال، لكنه لم يرقَ الى مستوى خطورة إفراغها من الكوادر وحالات التسرب، والتي مازالت مستمرة من دون إجراءات رادعة أو حتى مشجعة للحفاظ عليها، وخاصة أن بلدنا قادم على مرحلة إعادة إعمار يحتاج فيها لجهود الجميع.
ونحن كمواطنين لا نعرف ماذا يحدث في الأروقة الحكومية، ولا حتى في حسابات الجهات المسؤولة عن خبراتنا ووقف نزيفها.
ببساطة؛ الأمر لا يحتاج كثيراً من الحسابات والتفكير والتمحيص في إجراءات لا تخرج عن نطاق حبرها، بل نحتاج إجراءً يحمل مسؤولية وقف الهجرة، لا يجامل فيه أحد، ولا جهة بعينها، لأن الظرف لا يحتمل المجاملات، فقط يحتاج تحسين الأجور والرواتب وفق آلية يحدد فيها مقدار الأجر لكل خبرة أو كفاءة منتجة، لأننا اليوم بأمس الحاجة لزيادة الإنتاجية التي تلبي حاجة الأسواق.
فهل تفعلها الحكومة وتنظر بهذا الاتجاه؟.. الجواب رهن قادمات الأيام..
Issa.samy68@gmail.com