” الرز”.. شنق نفسه!

إذاً، مليون كيلوغرام من البرغل وصلت إلى صالات السورية للتجارة في طرطوس.. (سبحان مغير الأحوال) منذ عدة أشهر غاب البرغل.. أي مسامير الركب في اللغة الدارجة، بشكل كامل من الصالات حتى بات سعر الكيلو الواحد بين ٥- ٧ آلاف ليرة في السوق..
اليوم تغرق الصالات بمليون كيلو ظهرت فجأة في المستودعات وأرسلت إلى طرطوس، إضافة إلى كميات أخرى إضافية ستصل تباعاً.. وبأربعة آلاف ليرة للكيلو..
صحيح أنه تم تخصيص السورية للتجارة بكميات كبيرة من القمح لإنتاج البرغل، لكنها حسب اعتقادنا لم تستلم هذه الكميات بعد، وهي بالتأكيد لن تدفع أربعة آلاف ليرة تكلفة كيلو البرغل الذي يشترى قمحه بألفي ليرة للكيلو.. أي لن تكون هناك تكلفة إضافية تعادل السعر الأساسي.. وهذا يعرفه كل أهل الريف السوري الذي يعتبر البرغل بالنسبة لهم وجبة أساسية.. وتقدم بكل المناسبات.. باختصار يقولون؛ هذا ليس تدخلاً إيجابياً.. حسب طبيعة عمل المؤسسة..
لذلك يجب، بل يحق لأي أحد أن يتساءل كيف ظهرت هذه الكميات.. (نتحدث فقط عن كميات طرطوس.. علماً أن هناك كميات قد تكون أكثر أو أقل ذهبت إلى المحافظات الأخرى) وفي أي مستودع كانت محتكرة في غفلة من الرقابة.. لأنه وبكل تأكيد لم تتمكن الجهة التي ستسلق القمح وتشمسه.. وتجرشه وتعود لتشمس هذا الجريش وتغلفه، من إنجاز دورة العمل هذه التي تعرفها.. وتمارسها أبسط فلاحة في بلدنا.. فما بالك أن كامل الكمية المخصصة لم تصل بعد إلى (قصات السلق)..
إذاً، أيضاً لماذا أربعة آلاف ليرة.. وتدخل إيجابي.. ولماذا تزامن وصول هذه الكميات إلى الصالات مع غياب شبه تام للسكر والرز الذي تؤكد المؤسسة السورية للتجارة بوجود كميات كبيرة من هاتين المادتين بسعر ٢٥٠٠ ليرة للكيلو وأنها ستطرح هذه الكميات في الأسبوع القادم.. والغريب أن فقد هذه المواد تزامن أيضاً مع ارتفاع أسعارها إلى ٤٥٠٠ في السوق..؟
لا نتحدث من منطلق أن نيتنا عاطلة لا سمح الله، بل من خبرات جداتنا في إنتاج البرغل، ومقارنته مع التاريخ الأبيض للرز، الذي اكتسب.. وملك العز بينما البرغل شنق نفسه.. فعلاً هي تحكى وتروى.. البرغل إنتاج محلي.. (وبتراب المصاري) كما يقال.. والرز مستورد وملاحق بقانون قيصر.. وتنطبق عليه مقولة تكاليف الشحن التي تبرر فيها وزارة التجارة الداخلية ارتفاع أسعار المواد المستوردة.. ويباع بأقل من أسعار البرغل..؟
بعد كل ما ورد، يجب فعلاً إعادة النظر في أسعار مواد كثيرة منتجة محلياً وتشتريها المؤسسة بأسعار بسيطة قياساً بأسعار المواد المستوردة.. وإلّا فهناك احتمالان لا ثالث لهما.. إما أن يشنق الرز نفسه وتعود (الإمارة للبرغل) بقوة الاحتكار.. أو أن يقوم جميع المستهلكين بمقاطعة الأعياد والأضاحي.. ويكسد البرغل في مستودعات التدخل الإيجابي..!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار