“طريق النحل” والتجديد في قوالب الغناء

هيبه سليمان: 

ألقى الباحث الموسيقي جمال عواد محاضرة بعنوان (طريق النحل- التجديد في قوالب الغناء العربي عند الأخوين الرحباني) على مسرح المركز الثقافي بمدينة صافيتا ضمن فعاليات ملتقى طرطوس الموسيقي الرابع وبمناسبة الذكرى 36 لرحيل عاصي الرحباني بالتعاون مع كورال حلم و حنين .

و أوضح عواد أن أغنية “طريق نحل” للسيدة فيروز في رسم مشهد انطلاق النحلة في الصباح الباكر ليس بالدور الوحيد الذي قامت به نقرات البيانو، بل هيأت لمنولوج أوحى بحالة الوحدة التي عبّرت عنها صاحبة الأغنية “أنت وأنا يا ما نبقى”، نوتة طويلة ترسم خط الأفق في هذه اللوحة، “نوقف على حدود السهل”، “وعلى خط السما الزرقا مرسومة طريق النحل”.. وبين أن أغنية طريق النحل تبدأ بمونولوج داخلي يصف الحالة المكانية والزمانية لمشهد انتقال النحلة بين زهور الغابة، وتقوم فيها موسيقا الرحابنة بمحاورة صوت فيروز وكأنه طرف ثانٍ يسمعها ويحثها على المتابعة.

و عن العلاقة بين طريق النحل والحب التي تجسدت في “إذا رح تهجرني حبيبي، ورح تنساني حبيبي ضل تذكرني وتذكر طريق النحل” نوه بأن طريق النحل كالحبل السري الخفي الذي يربط النحلة بحبها السرمدي الأول، قفيرها أو الوطن، الذي دائماً ما ترجع إليه من دون أن تضل طريقها مهما ابتعدت و يربط الأخوان رحباني دائماً مفهوم الحب بما هو قانون كوني لا يشمل فقط العلاقات الإنسانية، بل يمتد إلى عناصر الكون برمته ويسيِّره.. كما بيّن الباحث أن النمط المعروف في الغناء العربي هو تكرار اللحن الواحد لكلام مختلف الذي قد تفرضه ضرورات القوالب الغنائية، أو تفرضه وحدة الفكرة، فالكثير من الأغاني العربية خاصة أغاني الأخوين رحباني تحتوي على عدة مقاطع متشابهة اللحن ولكنها مختلفة بالكلمات وهذا ما حدث في قوالب غنائية وموسيقية معروفة في الغناء والتأليف الموسيقي العربي كالطقطوقة القديمة والمطورة والموشح.. والشكل العام لـ”طريق النحل” بكل بساطة؛ نرى نحلة موسيقية بجسمها وجناحيها وقرني استشعارها! نحلة تم تصويرها بعدة طرق فهي حاضرة في تشكيل الجملة الموسيقية واختيار تقنيات للعزف والغناء تشبه طنين النحل وسلوكه، وبهذا أوجد الرحابنة قالباً موسيقياً خاصاً يحاكي الصورة البصرية للموضوع.

وختم عواد: “لا شك في أن العمل الفني الذي يعطي عدة مستويات من المتعة العقلية والحسية، هو نتاج شخص مبدع قد سبقنا كثيراً في طريق الجمال، وترك إشارات تقود إلى الطريق الصحيح، للوصول إلى الغاية الكبرى: الجمال الكلي! ” و وجه الشكر للنجمات الثلاث التي تدلنا على مكان ميلاد الجمال الكلي: فيروز، عاصي ومنصور.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار