الشباب والتمييز
الأب: حسن سليمان الطبرة
لا يختلف اثنان على مسلّمة علمية جدلية من أن الشباب ضمان للمستقبل واستمرار لمسيرة التاريخ، فبقدر ما نعطيهم ونتعب عليهم ونعدّهم كأهل ومؤسسات تربوية وتثقيفية وإعدادية بقدر ما نضمن المستقبل المشرق لهم ولأوطانهم ومجتمعاتهم والإنسانية جمعاء.
ذلك يطرح سؤالاً عليّ أن أعززه عند الأهل والمؤسسات المعدّة وأنقله بطريقة علمية تربوية مباشرة وغير مباشرة إلى الشباب، هذا السؤال الأساسي هو ما معنى وجودي، أين دوري في التاريخ؟.
ذلك يدعونا لأن نمهّد لهذا السؤال قبل طرحه على أنفسنا كأهل ومؤسسات، وبالتالي على شبابنا لأن ندرس علمياً كيف نخلّص شبابنا من طيشهم ونساعدهم لكي يفكروا بواقعية وعلمية لأن يفكروا بمعنى حياتهم.
ذلك يدعونا لأن ندرّبهم أهلاً ومؤسسات تربوية وتثقيفية متعاونة ومتآزرة على شيء أساسي ومفصلي بالحياة هو ما نسميه «التمييز» والربط بين الحياة المعيشة والحياة الأسمى، متذكرين أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يمشي على اثنتين ورأسه للأعلى، بحيث أن البارئ عزّ وجلّ يريده أن يرى القريب والبعيد ويكون منفتحاً إلى ما يسمو لما هو أعلى ذلك هو التمييز.
نعم إن للتمييز عدة معانٍ؛ إنه التحدي الأميز إلى ما معنى وجودي، إنه التحدي الأمثل لطريقة حياتي واضعاً نصب عيني كجهات تربوية وتثقيفية بكافة مشاربها أن الشباب هو «عمر القرار».
ولاتخاذ القرار الصحيح لابدّ من أن أقدّم هدية ثمينة للشباب وهي: كيف أتخذ القرار لأحقق ما أريد تحقيقه من مهام وطموحات قريبة وبعيدة على صعيد الفرد والجماعة؟.
هنا يبرز جلياً دور الأهل والمؤسسات التربوية والتثقيفية في مساعدة الشباب على تمييز المواقف والأمور وتقويمها واختيار الأفضل من خلال تدريبهم على التفكير والتأمل الصحيحين لواقع الشاب الشخصي في الصحة والمرض، في الفقر والغنى، في الحاجة والعوز والاكتفاء، غير ناسٍ إرشاده على التمييز الأخلاقي متذكراً قول المفكر والأديب العالمي جبران خليل جبران: «الويل لأمة تسمي الخير شراً والعدل ظلماً» واضعاً نصب عيني وعيني مَنْ أرشد التمييز الروحي من خلال إدراك التجربة وتجنبها بهدف عدم الوصول إلى الخطيئة.
تلك حاجة ماسة من حاجات المجتمع بعامة والشباب بخاصة الواجب مساعدتهم واستخدام التقنيات في ذلك مهم جداً أن أعرض لمجموعة من الشباب فيلماً رياضياً أو روحياً أو قصة أو خبرة أخلاقية هادفة إلى تثبيت قيمة أخلاقية أو وطنية أو اجتماعية أو إنسانية، منتبهين إلى عدم إهمال الأهل والمؤسسات أي شاب أو صبية ليميز معنى وجوده ويدرك دعوته في العائلة والدولة والمجتمع.
فالتمييز إذاً هو نهج حياة وخاصة للشباب.. في الحياة الزوجية مثلاً أطرح على نفسي السؤال الملحّ والقلق الدائم الإيجابية: لماذا تزوجت، ما الغاية من حياتي؟ وما ينطبق على الحياة الزوجية ينطبق على كل تصرف وعمل، ساعتها أضمن عدم غرقي ومتاهتي، وعدم العيش هامشياً.
ولا أنسى أن التمييز هو نهج حياة لأضمن بقاء خطّي الحياتي مفتوحاً.. والتمييز كذلك هو مجازفة حياة لكنه هبة ونعمة من الله عليّ أن أحافظ عليها وأُفعّلها إيجابياً.
بذلك يضمن الشاب أو الصبية بخاصة والإنسان بعامة صحة ودقة عيشه، ويحقق أهدافه من خلال وضع محطات يضعها نصب عينيه ويحققها في زمان ومكان معينين، بذلك نضمن حصاد الجهود التي نبذلها في حياتنا الثمار المرجوة شخصياً ووطنياً وإنسانياً.