الخلاصة التي يصل إليها فيلم (النائب ) تقول : إن أي رئيس أمريكي يحتاج أمراً واحداً كي يستطيع محاكمة جورج بوش الابن ونائبه ديك تشيني على الجرائم التي ارتكبوها في غزو العراق و أفغانستان. هذا الأمر هو أن يريد هذا الرئيس فعل ذلك؛ أي إن كل المعطيات والمعلومات والأدلة لقيام بوش ونائبه بالتلاعب على القانون الأمريكي وخرق الدستور وارتكاب جرائم التعذيب والتآمر والكذب السياسي والتضليل الاستخباراتي متوفرة و كافية لإدانتهما يحتاج الأمر فقط لإرادة أي رئيس أمريكي وهو ما لم يتوافر حتى الآن.
السيرة الذاتية لصعود ديك تشيني سلم السلطة وسيطرته على عقل جورج بوش( الولد)، هذه السيرة التي قدمها سينمائياً في فيلم يؤرخ لهذا المجرم الأمريكي والتي كتبها وأخرجها( آدم ماكيه) في العام 2018 تفضح عمل مؤسسة الرئاسة الأمريكية، وما يرتبط بها من مؤسسات المخابرات والدفاع والخارجية و و… ألخ ، وتبين مدى فاشيتها و إجرامها بحق شعبها حيث تسوق أبناءه للحروب المجانية. وبحق الأمم الأخرى التي تعتدي عليها و تدمرها وتعوق حياتها وتحجز مستقبلها وتقتل الملايين من شعبها كما جرى في العراق، الذي تم غزوه بناء على مزاعم مختلفة ومفبركة من امتلاكه أسلحة الدمار الشامل التي ثبت كذبها إلى علاقته بتنظيم القاعدة التي لم يجد أحد أي دليل عليها.
أجمل ما في هذه السيرة السينمائية تشريحها للمؤامرات التي حاكها تشيني لارتكاب جريمة غزو العراق من كذبة المواد النووية المستوردة من نيجيريا إلى العراق إلى كيفية لي عنق القانون لمحاصرة الشعب الأمريكي والتنصت عليه إلى تبرير التعذيب والإيهام بالغرق أثناء التحقيق تحت عنوان(تحسين جدوى التحقيق) إلى استئجار خليج غوانتانامو لاحتجاز من يريدون من دون أي تقييد بالقانون الأمريكي..
مفارقة تاريخية أدى إليها خطاب كولن باول في مجلس الأمن والذي ادعى فيه أن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ويتعامل مع تنظيم القاعدة.. المفارقة أن باول و أثناء خطابه كرر اسم أبو مصعب الزرقاوي عدداً كبيراً من المرات ، ما روجه وفتح أمامه الطريق لإنشاء منظمته (الدولة الإسلامية في سورية والعراق) وحسب هذه السيرة السينمائية، فإن خطاب باول كان الحملة الترويجية لزعيم داعش المؤسس ورغم أن باول عدّ هذا الخطاب الذي ألقاه مرغماً أسوأ لحظات حياته، إلّا أنه لم ينتبه إلى الكارثة التي روج لها، إضافة للغزو والمتمثلة في دا*ع*ش .
بعض الأعمال السينمائية تروي التاريخ من خلال سياق يكشف معنى أحداثها ومغذى القرارات التي اتخذت وجوهر السياسات التي حكمت. وفيلم (النائب) واحد من هذه الأعمال المتقدمة في محاكمتها للرئيس بوش الابن ونائبه تشيني وهو تجربة عن كيفية تعامل السينما مع التاريخ.