الثروة البشرية أسّ إعادة الإعمار والعلاج..
د. سنان علي ديب
كثر الحديث في الأيام الأخيرة حول المقترحات لإعادة الإعمار وهو خطوة جيدة ولكنها مبكرة ومحوطة بعوامل عديدة، منها مرتبط بعرقلات دولية وخارجية ولغايات مختلفة، أغلبها أبعد ما يكون عن الإنسانية وأجندات مضللة صدع الغرب المختل رؤوسنا بها، فدول تتاجر بالملف الإنساني ودول تحابيها وتمنع عنها تمويل عودة أهلنا وأعزائنا ليظهروا أن الدولة السورية هي المعرقلة.
المهم أن الدولة السورية باشرت منذ السنوات الأولى بإعادة إعمار جزئي للعقارات وكلي للنواحي الإنتاجية “مناطق صناعية إنتاجية وزراعية” وأعطت ثمارها رغماً من ضرورة المراجعة لأنها كانت ضمن قوانين استثنائية وظروف استثنائية والنتائج ليست كما نريد ويجب أن يكون, وبالتالي فإن الوقت الحالي يجب أن يكون محدداً لشيء يسهّل إعادة الإعمار ويقوّمها ويسهّل عودة أهلنا و يقوي مقومات العلاج والتعافي ألا وهو التخطيط الواجب واللازم للموارد البشرية وللإنسان السوري وسط فوضى الانعكاسات الاجتماعية وبسطها تأثيرات، جزء منها سلبي على البنى السورية، فكلنا يعلم أن الانسان غاية أي تنمية وهو أساس الوصول لها، ولذلك فإن الطاقة البشرية هي أهم محركات بناء البلدان وأهم من الحجر..
وكم من دولة حطمتها وهشمتها الحروب ولكن الإنسان حامل الثقافة المتجذّرة والمعرفة والخبرة كان جسر العلاج والتعافي و الظهور القوي العالمي ولنا أسوة حسنة بألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية وكذلك رواندا ودول حلقت بلا ثروات كسنغافورة و الفورة الماليزية وغيرها من الدول.
وبالتالي إعادة البناء الإنساني وتأهيل الموارد البشرية حاجة وضرورة لتوفير الوقت والجهد وحسن الاستثمار و توفير التكاليف.
ولإعادة البناء البشري فإن الحاجة الكبرى لإعادة التأهيل ولذلك نحن بحاجة للسير بالتوازي بين إعادة التنشئة و إعادة التأهيل.
فمؤسسات التنشئة والتي أهمها الأسرة أس وعماد المجتمعات وبالتالي إعادة دور الأسرة والتي تضاعفت معاناتها بسبب الحرب من حيث البناء الاقتصادي والأمراض الاجتماعية وبالتالي انعكس التحلل الجزئي والتفكك الأسري على المجتمع وصلابته وتفشي أمراض جعلت المعاناة القيمية كبيرة و نشرت ثقافات غريبة وخطيرة، منها ثقافة العنف في بلد تميز بالمحبة والسلام والتآخي.
و كذلك اختلالات المؤسسات التعليمية و مؤسسات الإعلام و محاولة حرف الدور لبعض المؤسسات الدينية بحرب ثقافية معولمة همّها القضاء على الهوية و تفكيك المجتمعات من الداخل لخلق فوضى عارمة.. وبالتالي إعادة البناء الإنساني ضرورة حتمية لإعادة الإعمار و حاجة ملحة وفق مخططات وهيكليات تستعيد أوج النشاط و تسخّر الطاقات والجهود للقادمات .
فالهدر بالطاقات البشرية يتجلى ضمن الحروب و المغزى الغربي بتفريغ البلد من الشباب عبر القتل والتهجير وسرقة الطاقات والكفاءات ولكن بلادنا ولّادة.
وبالتالي الفاقد من آثار الحروب وكذلك التعيينات العشوائية بعيداً عن الاختصاص والذي يولّد فاقداً مزدوجاً، وكذلك الهجرة العشوائية وتفشي الفساد المعرقل لجهود التنمية وإعادة الإعمار بحاجة لتخطيط وبرمجة بشرية و الاستثمار الصحيح للثروة البشرية كبداية لمسيرة التعافي التنموي والتي هي ليست صعبة في ظل توافر الخبرات والكوادر والتي مارست دوراً مهماً في البناء التنموي محلياً وإقليمياً و عالمياً.. وبالتالي تنظيم سوق العمل وقوننته بما يتماشى مع القانون الوضعي والإنساني يوفر الكثير من الجهود و الكوادر و المعاناة ويولد الاستقرار بأبعاده المختلفة.
و إعادة البناء شأن محلي صرف بحاجة لبوادر وعمل دؤوب و نشاط مكثف و تفاهم وتناغم جمعي و تقوية دور المؤسسات الضابطة للإيقاع والفارضة للأمن العام والذي هو حاجة لبيئة منتجة وبنّاءة.
وقوة وتماسك أي بلد في ظل الأمركة الباثّة والباعثة للفوضى من قوة وفاعلية وتقنية مؤسساتها، واستباق واستيعاب واحتواء ما يخطط لنا يفشل الخطط و يفاجئ الأعداء في عالم اختلطت به المفاهيم و كثرت التجاوزات للمؤسسات الدولية الشرعية..