أسواق المعادن بحالة قلق ..انخفاض للألمينيوم وارتفاع للنيكل 

تشرين رصد:

انخفض السعر القياسي للألمنيوم للمعادن خلال الشهرين الماضيين، ومع هذا لا يزال أعلى بأكثر من 65 في المائة من مستويات ما قبل جائحة كورونا، فخلال تلك الفترة تقلب الطلب على الألمنيوم، وتراجعت مبيعات المعدن في البداية أثناء عمليات الإغلاق، واضطر العمال إلى البقاء في منازلهم.

لكن بعد ذلك تصاعدت الأسعار مرة أخرى مع خروج عديد من البلدان من حالة الإغلاق والعودة إلى الحياة الطبيعية، ونظرا لأن الألمنيوم يدخل تقريبا في جميع مناحي الحياة، فإن الطلب كان من القوة، بحيث لم تستطع الصناعة تلبية كل الاحتياجات، ما أدى إلى نفاد المخزون من المستودعات.

مع اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية دخل الوضع في مزيد من الارتباك، فقد شحت الإمدادات، وأدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى مشكلات في منشآت صهر الألمنيوم، واضطرت شركات أمريكية إلى إغلاق منشآت صهر تابعة لها في أوروبا وتحديدا في إسبانيا، حتى الآن يقدر تراجع الإنتاج الأوروبي بنحو 900 ألف طن منذ بداية العام. وبالطبع، فإن النتيجة كانت دفع الأسعار إلى أعلى.

مع هذا، فإن درجة من التفاؤل كانت تهيمن على قناعات الخبراء بأنه على الرغم من استمرار شح المعروض العالمي من الألمنيوم، فمن المحتمل أن يهدأ الطلب بشكل كبير في الأشهر المقبلة، خاصة أن التوقعات الدولية باحتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي ككل، ودخول بعض الاقتصادات الكبرى في حالة من الركود، قد يقلص مشتريات الألمنيوم.

مع هذا يبدوأن وضع الاقتصاد العالمي يتصف بعدم اليقين، وهذا ينعكس على أسعار الألمنيوم بحيث تتوقع أن تصل الأسعار هذا العام إلى ثلاثة آلاف دولار للطن على أن تتراجع العام المقبل إلى 2800 دولار، لكنها ترى أن المؤثر الأكبر في السوق سيكون القرارات الصينية بشأن كيفية التعامل مع حالات كورونا التي تظهر على أراضيها من حين لآخر.

فإذا واصلت الصين سياسة صفر كوفيد، بما يعنيه ذلك من مواصلة عمليات الإغلاق من حين لآخر، فإن ذلك قد يدفع الأسعار إلى مستويات أعلى، لكن أيضا يجب الإشارة إلى أن الأسعار تتعرض لضغط كبير.

ويتوقع الخبراء تباطأ نمو إنتاج الألمنيوم العالمي خلال الأعوام المقبلة، وذلك نتيجة لأن سقف الإنتاج الصيني لن يتجاوز 45 مليون طن في العام، وبينما ستحفز التوقعات القوية للأسعار في الأجل المتوسط والطويل المنتجين على زيادة الإنتاج، فإن تأثير ذلك سيكون محدودا بسبب ارتفاع أسعار المدخلات الرئيسة، ولهذا فالمتوقع أن نشهد نموا معتدلا للإنتاج بنسبة 3 في المائة سنويا، أما على المدى الطويل فستظل الأسعار مرتفعة في الأعوام المقبلة، حيث يتم دعم الطلب من خلال التحول المتسارع إلى الاقتصاد الأخضر”.

القلق لم ينتاب أسواق المعادن بسبب الألمنيوم وحسب، بل إن النيكل أوجد أيضا لدى المتعاملين حالة من القلق ربما تفوق ما يحدث في سوق الألمنيوم .

مبعث القلق حول ارتفاع أسعار المعدن ربما يعود إلى أن أغلب التوقعات تشير إلى أن الأعوام القليلة المقبلة ستشهد شراء ملايين الأشخاص للسيارات الكهربائية أو الهجينة، وبطاريات تلك المركبات تحتوي على معادن مثل الكوبالت والليثيوم والنيكل، ومن ثم، فإن نقص إنتاج المعدن أو ارتفاع الأسعار بقوة سيؤثر في طفرة السيارات الكهربائية.

حتى الآن يؤكد خبراء صناعة السيارات “أننا لا نملك ما يكفي من المواد المستخدمة في صناعة البطاريات”، وعلى الرغم من اتجاه عديد من البلدان المتقدمة للتغلب على تلك المشكلة عبر إعادة التدوير، إلا أن ذلك لم يمثل حلا جذريا للمشكلة، أضف لذلك أن بعض التقنيات المستخدمة لا تعد صديقة للبيئية.

والمشكلة تكمن في أن الحصول على النيكل مثل عديد من المواد التي تعاني نقصا في الوقت الحالي نتيجة الصدع الحادث في سلاسل التوريد الناجم جزئيا عن وباء كورونا، وأيضا عن الحرب الروسية الأوكرانية، فروسيا واحدة من أكبر موردي النيكل في العالم”.

ومن المرجح أن تعزز دول مثل إندونيسيا والفلبين وجواتيمالا إنتاجها من النيكل، حيث يبحث المشترون عن مصادر غير جديدة للمعدن، إلا أن هناك كثيرا من الشكوك حول مدى استدامة هذا الإنتاج الجديد، كما أن المناجم الجديدة لن تكون قادرة على الإنتاج بالسرعة الكافية لتلبية الطلب المتزايد على النيكل، الذي يستخدم في صناعة مكونات الفولاذ المقاوم للصدأ وتوربينات الرياح.

تفسر تلك الشكوك فشل أسواق النيكل في استعادة الثقة العامة ، عندما ارتفع سعر المعدن في بورصة لندن 250 في المائة، ما دفع البورصة إلى تعليق تداول النيكل لمدة أسبوع تقريبا.

ويبدو الوضع في سوق النيكل متقلبا على الرغم من انخفاض الأسعار نسبيا، مع هذا فإن الأسعار لا تزال أعلى بنحو 60 في المائة، ما كانت عليه في بداية العام”.

 

إلا أن جزءا من الأزمة الراهنة في السوق تعود إلى مضاربة بعض الشركات عبر ترتيب عقود تراهن على أن سعر النيكل سينخفض، وعندما لم يحدث ذلك اضطرت تلك الشركات إلى إعادة شراء تلك العقود، أو الالتزام بتوريد النيكل، وأيا كان الخيار الذي تبنته، فإنه أدى إلى ارتباك الأسواق وتعرضها للخسائر.

للنحاس قصة مختلفة، إذ لا يبدو أنه يسير في مسار الألمنيوم والنيكل، فالمتوقع أن تنخفض الأسعار هذا العام متأثرة بضعف الطلب، حيث يحد ارتفاع أسعار الفائدة من النمو الاقتصادي في وقت تتجه في المناجم إلى مزيد من الإمدادات، وبصفة عامة، فإن أسعار النحاس وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق العام الماضي.

وعلى الرغم من أن أسعار المعدن الأحمر واصلت الاتجاه التصاعدي في الربع الأول من هذا العام، فإن مسارها كان متقلبا وغير ثابت، والسبب يكمن في انخفاض كل من المخزونات والعروض الجديدة في الأسواق، كما أن الطلب الصيني تراجع وأثرت الحرب الروسية – الأوكرانية على طلب السوق العالمية.

وقد بدأ النحاس التداول هذا العام عند 9720 دولارا للطن المتري وخلال الربع الأول تمكن من البقاء فوق عتبة 9500 دولار، وكان أدنى مستوى وصله سعر الطن في نهاية شهر يناير إذ بلغ 9506 دولارات”.

و المفاجأة الحقيقية أن أسعار النحاس لم تتغير كثيرا في الربع الأول، بينما ارتفعت أسعار عديد من السلع الأخرى إذا ارتفع النحاس 6 في المائة فقط، مقارنة بـ24 في المائة للألمنيوم.

لكن أغلب التقديرات الحالية تراهن على أن مصير أسواق النحاس مرتبط بالطلب الصيني أكبر مستهلك للمعدن، وأن تباطؤ نشاط البناء وإنفاق المستهلكين في الصين حاليا ليس أكثر من مشكلة في الأمد القصير، وأن الطلب الصيني على المعدن الأحمر سيتسارع مرة أخرى في العام المقبل مع بدء التحفيز الحكومي وتخفيف سياسات الإغلاق، ومن ثم سترتفع أسعار النحاس مجددا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار