المهند كلثوم: السينما وثيقة للتاريخ نصنع من خلالها ذاكرة للبلد
حوار- ميسون شباني:
عبر كل فيلم سينمائي قصير يقدمه يحقق حضوراً في المهرجانات والمحافل الدولية، ومؤخراً تم اختياره عضو لجنة تحكيم في عدد من المهرجانات التي أقيمت في الفترة الماضية.. المهند كلثوم صنع عبر أفلامه بصمة سينمائية نالها بسعيه المستمر لتقديم المختلف.. كلثوم يتحدث لـ«تشرين» عن آخر مشاركاته:
– سأبدأ معك بآخر المشاركات في المهرجانات الدولية؟
آخر مشاركاتي كانت بعضوية لجنة التحكيم في المهرجان الدولي السينمائي للسينما البيئية في تونس بمدينة قابس ولأول مرة أكون في عضوية لجنة تحكيم في نوعية كهذه من المهرجانات التي تهتم بالبيئة والتلوث البيئي، وهذا النمط من الأفلام المشاركة مميز لكون هذه النوعية من الأفلام نفتقدها في بلادنا، أي وجود مهرجان سينمائي خاص بالبيئة والمشكلات البيئية والتلوث وما إلى ذلك، إذ قدم عبره أكثر من 30 فيلماً من مختلف أنحاء العالم، ولاحظنا حلولاً سينمائية من صنّاع الأفلام فقد أبدعوا بمخيلتهم بالذهاب للحد من التلوث البيئي وتقديم الحلول الممكنة وعرضها بأسلوب خاص وطرق جديدة، واتضح لي بعد عدة مهرجانات سينمائية حول العالم والوطن العربي أن السينما أداة للتعبير وأداة للتوعية ونشر ثقافة البلد ليس ثقافة البيئة أو ثقافة الشعوب فقط، بل هناك محاولات عبر المهرجانات لنشر ثقافة توعية أو ثقافة ضد الإرهاب ومكافحته، وأثبتت التجارب أن السينما تستطيع الوصول إلى مكان لا يمكن لأي وسيلة أخرى الوصول إليه .
– ما أهمية المشاركة السورية في الخارج في ظل الظرف الراهن؟
نحن نحاول كسر الحصار المفروض علينا، ومشاركة أي فيلم في أي مهرجان هي كسر للحصار الثقافي على سورية، وهناك شعور عظيم عندما نكون في أي مهرجان واسم سورية موجود، وهنا قمة التحدي أي رغم محاولات المنع بالوصول إلى مكان ما من خلال منع هذا الفيلم أو عدم قبوله ولكن مجرد قبوله هو انتصار لسورية ولصوتها في الخارج لأن المنتج السوري يتحدث عن الإنسان والقضية السورية، واليوم رغم الحصار استطعنا أن ندخل المهرجانات والمحافل الدولية والمنافسة بمنتجنا الثقافي، وربما نحقق نجاحات وهذا شعور عظيم بالانتصار بعرض الفيلم، وكلما أبحرت في هذا العالم وعرضت أفلامنا بشاشات الدول الأخرى وفي المحافل الدولية كلما حققنا هدفنا وهو جزء من رسالة الفيلم بأن يصل إلى أكبرعدد ممكن من الناس.
– عبر فيلم “روح الشرق” قدمت طروحات تحاكي المحافظة على التراث المادي واللامادي؟
كان هذا الفيلم جزءاً من مجموعة أفلام المحافظة على التراث المادي واللامادي ومدته 25 دقيقة ويوّثق حالة جميلة وفكراً عن التراث المادي واللامادي الموجود في سورية، وأهمية الفيلم تكمن بطرح أفكار للمحافظة والاشتغال عليها، وهناك الكثير من المهن القديمة آخذة بالزوال مثل صناعة الفخار والزجاج والرسم عليه والنول والأمثال الشعبية، صحيح أنه فيلم قصير لكنه مكثف بالمادة الوثائقية والتوثيقية للتراث المادي واللامادي، وهدفنا الأساسي إظهار تراثنا ومادتنا الثقافية وهويتنا من خلال هذه الفئات والأشياء التي اشتغلنا عليها فترة طويلة من خلال البحث والتوثيق، وكان الفيلم مساهماً بتسجيل معظم العناصر الداخلة في التراث المادي واللامادي وتوثيقها بـ«اليونيسكو»، كما أن حالة الدوران الموجودة في الفيلم تعبر عن دوران الحياة والعمل والتجدد وهو رسالة بضرورة الحفاظ والتجديد بالتراث ومنعه من الانقراض، واخترنا السينما لأن الصورة هي وثيقة للتاريخ ومن خلالها نصنع ذاكرة ونوثق للتاريخ، والسينما ثقافة شعوب وهي لغة التواصل الحضارية الآن بين الدول.
– حقق فيلمك “فوتوغراف” العديد من الجوائز ونال حظوة المشاركة في المهرجانات، ما سرّ هذه المشاركات المتعددة؟
حقق الفيلم مساحة كبيرة من المشاركات الدولية وكان له شرف تمثيل السينما السورية بعدة محافل دولية وعربية، الفيلم يحاكي عمالة الأطفال في زمن الحرب وانقطاعهم عن التعليم نتيجة الظرف الاقتصادي الذي يعيشونه، فأبطاله حقيقيون وهي تجربة جميلة لبطلي الفيلم اللذين كانا على قدر المسؤولية في تجربتهما الأولى، ودخل الفيلم مشاركات متعددة ونال عدة جوائز ذهبية، إضافة إلى عدة جوائز كأفضل ممثل وأفضل سيناريو وأفضل فيلم متكامل، ولكن أود أن أشير إلى أن النص السينمائي هو الأساس وما ينقصنا هو نص حقيقي لصناعة فيلم سينمائي، و”فوتوغراف” أُمّن له شرط إنتاجي جيد وبُني على نص متين وهو ما دفعني للاشتغال عليه، فأزمتنا اليوم ليست بالإنتاج فالمؤسسة تنتج أفلاماً ربما تكون موفقة وربما يكون لها الحظوة بالمشاركة في المهرجانات ولكن تعويلنا الأساسي على النص السينمائي وليس مهماً الإنتاج فقط بل الفكرة الأساسية للنص.
-التساؤل هنا هل يحقق هذا الإنتاج إضافة لنا على صعيد السينما؟ وما شروط الفيلم السينمائي كي يمثلنا في الخارج؟
يأتي أولاً وجود نص جميل وطرح جديد ويكون مكتمل الشروط الفنية وليس مهماً المشاركة بقدر ماذا نريد أن نقول للناس عبر الفيلم السينمائي؟ إضافة إلى تكامل أسلوب الطرح والرؤية الخارجية، فالسينما هي مزاج يخضع لمزاج لجنة المشاهدة ومزاج الجمهور ومزاج لجنة التحكيم، فليس بالضرورة ما يعجب الجمهور أن يعجب لجنة التحكيم.