المتقاعدون يبدؤون نشاطاتهم بعد التقاعد
دينا عبد:
بعد ثلاثين عاماً من العمل أحيل أبو بسام إلى التقاعد فبالرغم من نشاطه الذي بقي محافظاً عليه إلا أن سوء الوضع العام منعه من الاستمرار فصعوبة الوصول للعمل وقلة المواصلات جعلته يصبح صديق زوجته التي هي الأخرى أحيلت للتقاعد قبله بعدة شهور؛ يقول : اقتصرت حياتي على شراء حاجيات المنزل إضافة لإيصال أحفادي للمدرسة وتسديد الفواتير.
اختصاصية الصحة النفسية د غالية أسعيد بينت أنه من المفترض أن يكون التقاعد عن العمل مرحلة جميلة من مراحل حياة الإنسان، لأن المطالب والضغوط فيها أقل والأوقات كثيرة لما يرغب القيام به ، فأثناء العمل قد لا يجد الوقت الكافي للقيام بواجباته ، وهذا يتطلب أن يكون المتقاعد قد هيأ نفسه ووضع برنامجاً لحياته وكيف يمضي ساعات الفراغ.
وتبين بأن الكثير من الناس ينتظرون التقاعد و يطلبون التقاعد المبكر ظناً منهم أن الحياة ستكون أجمل ولكن ما هي إلا شهور بعد حتى يدخلوا في الفراغ والعزلة، وانقطاع التواصل الاجتماعي، وهذا ينعكس سلباً على الصحة النفسية والجسدية، والعلاقات الأسرية والاجتماعية.
وتشير إلى أنه من الشائع جداً أن يتوقف المتقاعد عن ممارسة أمور كثيرة عند ترك العمل، ويحدث لديه اضطراب في أوقات النوم والصحو وتناول الطعام وزيارة الأقارب وتؤكد أن هناك كثيراً من الناس يعيدون تنظيم حياتهم بعد التقاعد، ويمارسون الرياضة والقراءة والتواصل الاجتماعي، ويدخلون في نشاطات تطوعية وخيرية، ما يجعل تقاعدهم ممتعاً ومريحاً وإيجاباً على كل المستويات الأسرية والصحية والنفسية مبينة أن بعض المؤسسات تقوم بعمل دورات للموظفين بمختلف مستوياتهم الثقافية لتهيئتهم للتقاعد وتوافر مواد وأماكن خاصة ليجتمعوا فيها ويوسعوا شبكة علاقاتهم الاجتماعية ونشاطاتهم اليومية.
تقول خالدة النمر موظفة متقاعدة : عملت لأكثر من سبعة وعشرين عاماً وكنت في بادئ الأمر سعيدة فقد هيأ لي أن التقاعد راحة واستقرار ولن يتذمر أولادي وزوجي من تأخر الغداء، لكن سرعان ما تبدد الفرح إلى ملل وكسل، فقد غدت حياتي سلبية بعدما كنت في قمة الإيجابية والنشاط والحيوية أصبحت اليوم بلا فائدة وروتيني مؤلم وخصوصاً أن أولادي منشغلون بأعمالهم وأسرهم ولا أراهم إلا يوم الجمعة.
وتدعو السيدة خالدة إلى ضرورة وجود برامج وآليات تهتم أكثر بالمتقاعدين كأنشطة وفعاليات تقوم بها مؤسساتهم التي تقاعدوا منها وأن يستفيدوا من خبراتهم بإنشاء منتديات ثقافية أو ترفيهية تخفف من الحالة النفسية التي تصيب المتقاعد.
وتنصح الاستشارية التربوية نائلة الخضراء المتقاعدين باتباع برنامج لحياتهم بعد التقاعد يجنبهم الوقوع بمصيدة الاكتئاب والمشاكل الصحية ، وذلك من خلال البحث عن عمل آخر وخصوصاً إذا كان المتقاعدون من أصحاب الكفاءة والخبرة ، فكثير من الشركات تحتاج لهم ولخبرتهم لذا عليهم أن لا يتوقفوا عن البحث عن فرص عمل جديدة .
وتضيف: يمكن للمتقاعد التفكير بمشروع ريادي إنتاجي يستطيع من خلاله القضاء على وقت الفراغ ، وإذا كان الوضع المادي للمتقاعد لا يتناسب مع قدراته لبناء مشروعه فيمكنه الاستعانة بالأصدقاء أو المقربين ويطلب شراكتهم مالياً لإكمال المشروع.
وتدعو الخضرا المتقاعدين لتفادي الوقوع في الفراغ إلى ممارسة الرياضة بشكل يومي وخصوصاً في فترة الصباح الباكر
إضافة لدور الأسرة والأهل لرفع معنويات المتقاعد؛ فالاهتمام من قبل الأسرة ومتابعة المتقاعدين وتشجيعهم على النجاح ومشاركتهم همومهم و مشاكلهم وإيجاد حلول لهم يساهم بتخفيف معاناة المتقاعد من الوحدة إضافة إلى حضور كل الدعوات الاجتماعية ومشاركة الناس مناسباتهم وزيارة الأقارب والأهل .
كما أن التنزه والخروج بصحبة الأهل والأصدقاء يساهم في الحد من تعرض المتقاعد للأمراض الصحية والنفسية ويمكنه الخروج للتنزه بأقل التكاليف مثل الخروج الى الطبيعة والحدائق العامة وغيرها من الأماكن الترفيهية.