هل العالم على أبواب مجاعة؟ وأين نحن منها؟

إن شظايا الحرب في أوكرانيا باتت تطول العالم أجمع، حيث تتصاعد التحذيرات من مجاعة تهدد العديد من الدول نتيجة تضرر سلال التوريد بفعل الحرب والعقوبات التي تم فرضها على روسيا.
وقد أشار مقرر الأمم المتحدة الخاص إلى خطر مجاعة وشيكة في المزيد من الدول حول العالم، وأوضح المسؤول الدولي أن الآثار المباشرة للنزاع على الغذاء بدأت تظهر في مصر، تركيا، بنغلاديش، إيران، حيث تشتري هذه الدول أكثر من 60% من احتياجاتها من القمح من روسيا و أوكرانيا، كما تعتمد بلدان مثل لبنان وتونس واليمن وليبيا وباكستان بشكل كبير على البلدين في إمدادات القمح.
ومن المعروف أن روسيا أكبر مصدّر للقمح في العالم بإجمالي 37.3 مليون طن عام 2021، فيما تعدّ أوكرانيا خامس أكبر مصدّر بإجمالي 18.1 مليون طن..
في الحقيقة أزمة الغذاء العالمية كانت تتفاقم طوال العقد الماضي نتيجة التداعيات الناجمة عن تغير المناخ، من تصحّر وسيول قضت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والمحاصيل في العديد من الدول الإفريقية والآسيوية، إلى جانب النمو السكاني العالمي.
وقد جاءت جائحة «كورونا» لتعمق من أزمة الغذاء العالمية نتيجة الإغلاق، وما صاحبه من تسريح جماعي للعمال والموظفين، وتفكك هائل بين الشركات الصغيرة والمتوسطة، ومع تفشي الوباء شهد العالم زيادة هائلة في عدد الجياع إلى ما يقرب من 9.9٪ من إجمالي سكان العالم أي 811 مليوناً يعانون الجوع المزمن ونقص التغذية في عام 2020، أكثر من نصفهم في آسيا.
وقد تراجع مستوى الأمن الغذائي في الكثير من الدول متأثراً بالحرب الأوكرانية – الروسية، وارتفاع تكلفة الغذاء والتضخم العالمي، والدول الأكثر تضرراً للوضع الحالي وفقاً للتقرير هي اليمن وسورية والسودان، والتي مازالت تعاني بالأساس بسبب الحروب فيها.
وبغض النظر عن الخبث والأهداف السياسية وراء بعض التقارير فمن واجبنا أن نتساءل: أين نحن في سورية من هذا كله؟.
إن الركائز الأساسية لاستمرار أي أمة عبر التاريخ متعلقة بتحقيق الأمة الأمن المائي والغذائي، وقد وضعت حكومتنا نصب عينها تحقيق هذه الأهداف وتجلى هذا العمل من خلال تشييد العديد من السدود وصوامع الحبوب والتركيز على الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، ولكن عشر سنوات ونصف السنة من الحرب الكونية خلخلت دعائم الأمن الغذائي والمائي في سورية وتركز هذا الاختلال من خلال الصور التالية:
منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو” وبرنامج الأغذية العالمية أشارا إلى تأثر الآلاف من المواطنين وربما يعانون من انعدام الأمن الغذائي جراء استمرار الاضطرابات و ارتفاع التضخم وأسعار الغذاء.
منظمة الأغذية والزراعة قالت: إن إنتاج سورية من القمح انخفض بنسبة 40% وانخفض إنتاج الدواجن إلى النصف.
قيام المجموعات الإر*ها*بية بإحراق العديد من صوامع الحبوب وسرقة صوامع أخرى وتهريبها إلى تركيا، إضافة إلى إحراق المحاصيل وإجبار المزارعين على بيعها لـ*قس*د.
تعرض سورية إلى موجة جفاف شديدة انعكست بشكل سلبي على الزراعات لدينا وترافقت مع قيام تركيا بخفض نسبة تدفق نهر الفرات بشكل شبه كلي، إضافة إلى سيطرة العصا*بات الإ*رها*بية على بعض منابع المياه.
توقف استثمار مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية نتيجة للأوضاع الأمنية السيئة بما انعكس سلباً على الإنتاج الزراعي، وخاصة في مناطق الرقة- الطبقة- دير الزور- ريف حماة- درعا.
الخلاصة؛ سورية ليست بمعزل عما يجري في العالم وتزيد ظروفها الخاصة الناجمة عن الحرب تعقيدات الانعكاسات الدولية للأحداث ولكن ما الحل؟
الحل برأيي مؤلف من شقين: شق محلي يتضمن اتخاذ كل الإجراءات لتوفير الأمن الغذائي من خلال شراء القمح من المزارعين حتى لو تم رفع سعره كثيراً وتوجيه المزارعين نحو زراعة القمح، وخاصة في سهول الغاب والمناطق الشرقية مع إمكانية حجب المياه عن أي محصول لا يخدم عملية الوصول للأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي.
الشق الثاني يتضمن التنسيق مع الدول الصديقة والمؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة والفاو وغيرها، بالتحرك لتقديم المزيد من المساعدات العاجلة التي تساعد على تخفيض تكلفة السلع الغذائية المقدمة للمواطنين، بحيث يكون هناك تميز سعري، ومحاولة الحصول على تسهيلات في السداد.
الوضع الدولي معقد جداً ولا بوادر لحلول في الأفق المنظور وتعامل الأوروبيين مع تخزين المواد الأساسية الضخم يوحي بطول الأزمة الدولية وينذر بكارثة اقتصادية وإنسانية هي الأسوأ في تاريخ البشرية، وهذا يبرر اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يخدم الوصول إلى الأمن الغذائي وعدم الانزلاق إلى خطر أزمة غذائية محتملة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار