ما إن انتهى دوام طفليه في المدرسة الابتدائية، وعادا مُكلَّلين، بعدها بأيام، بالعلامات التَّامة والامتيازات، وما يُرافق ذلك من زهو وكبرياء، حتى بدأ السَّقّ والنَّقّ، مرَّةً أنهما كبرا وباتت الدراجة الهوائية التي دفع فيها أبوهما “هديك الحسبة” صغيرة عليهما، لذا طالبا باستبدالها بواحدة أكبر، وبعد إجراء الحسابات اللازمة، نتج أن الأب بحاجة إلى مبلغ يوازي مُرَتَّبه الوظيفي لتحقيق رغبتهما.
وفي مرةٍ أخرى أخبراه بأن خلقهما يضيق من وقتهم الفارغ الطويل، رغم أنه يعمل كسائق خدمة لتوصيلهم من درس الموسيقا إلى دورة الرسم إلى معهد اللغة الإنكليزية، لكن في ظل عدم وجود كهرباء لتشغيل التلفاز الكفيل بتسليتهم بعض الشيء، فإنهما بدأا موشحاً جديداً يتمحور حول حاجتهم إلى اقتناء كلب أليف أو حتى قطة صغيرة ليلعبا معها ويهتمّا بها، علَّهم بذلك يقضون على مَلَلِهِم المستمر، ونتيجة إصرارهم وعِنادِهم، سأل عن تكلفة ذلك، وكانت النتيجة أن ذلك بحاجة إلى راتب خاص بتلك الحيوانات، من ناحية توفير الطعام المناسب، واللقاحات المطلوبة، فضلاً عن تأمين بيئة حاضنة ملائمة، وهو غير قادر على تحقيق ذلك، ولاسيما أنه يسكن ضمن شقة ليست في الطابق الأرضي، وبعدما احتال عليهما بأن تلك الحيوانات ستملأ البيت بوبرها وأنها قد تُسبِّب لهم أمراضاً غير مرغوب بها، اقتنعا أخيراً، بعد صدٍّ وردّ، لكنهما طالباه بأن يُسجِّلهما في دورة للسباحة، أسوةً بالعام الماضي، ورأى في ذلك مطلبَ حقٍ، لكن الطامة الكبرى التي واجهته، أنه عندما زار إدارة المركز الذي سجَّلهما فيه سابقاً، وجد أن الأسعار تضاعفت، بحيث أن كل طفل منهما سيكلِّفه مئة ألف شهرياً من أجل يومين في الأسبوع، وهو ما يعني أنه بحاجة إلى قرض لتأمين ذلك المبلغ أو على الأقل أن يُشارك في جمعية مع زملائه، ولكثرة ما حلَّلَ ومحَّصَ ودوَّر الفكرة في رأسه، أصابه الدُّوار الدهليزي وطَرَحَه في الفراش حتى الآن، وكلما سأله أحدهم عن حاله، يُغنِّي له: “حالي حالي حال، وبالي بالي بال، ومع هيك أوضاع، ما عاد إلي حال”.
بديع صنيج
25 المشاركات