منذ سنوات ونحن نسمع عن حزمة إجراءات ومشروعات قوانين لتطوير الصناعة الوطنية بشقِّيها العام والخاص، وتحقيق نوع من التكامل الذي يحقق المنفعة المتبادلة, واستراتيجيات عدة وضعت لتحقيق هذا التكامل, جميعها تحكمها قوانين ناظمة للعمل, لكن الاتجاه الأمثل كان باتجاه التشاركية مع القطاع الخاص المبنية على دراسات جدوى اقتصادية لما فيه مصلحة القطاعين، تحمل مشاريع ذات منفعة مشتركة, تتم من خلالها المحافظة على ملكية وسائل الإنتاج, والبنى التحتية لمصلحة الدولة التي تعمل على المحافظة على حقوق العمال كاملة، معتبرة أن شركات القطاع العام والعمال هم خط أحمر يجب عدم المساس به، وضمن هذه المفاهيم تمكنت وزارة الصناعة أن تجعل من التشاركية منهج عمل وقامت بتنفيذه على أرض الواقع من خلال عرض الشركات الخاسرة, والمتوقفة عن الإنتاج بصورة جزئية , وحتى الشركات المدمرة , نذكر على سبيل المثال (شركة الإطارات , بردى للبيرة والبطاريات ) وأبعدت الشركات الرابحة عن مسألة التشاركية أو حتى التفكير بها رغم محاولات القطاع الخاص المتكررة الدخول إلى عالمها , وكل المساعي تصبُّ نحو استثمار الشركات الخاسرة وفق مبدأ التشاركية بعيداً عن مفهوم الخصخصة الذي يثير الكثير من التساؤلات وحالات اللغط التي تظهر بين الحين والآخر, و غالباً ما تصدر عن القطاع الخاص, لأن رأس المال لديه جبان لا يحب الاستثمار في المشاريع الاستراتيجية, بل يهوى ما هو سريع الربح , لذلك بقي التنفيذ من جانب واحد..!
وبالتالي هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها, وعلينا أن نذهب بعيداً عن هذا المفهوم , لنحقق عملاً تشاركياً مع القطاع الخاص يحقق منفعة متبادلة, وهذا ليس بالضرورة من خلال الشركات الخاسرة, أو المدمرة , بل هناك ما يمكن فعله, وقد يكون أفضل, أولى خطواته الاتجاه نحو تطوير الصناعات الزراعية التي تعتمد بكليتها على المواد المتوافرة محلياً وفق استراتيجية مشتركة مبنية على أسس ومبادئ قوامها وأساسها المزارع , بحيث نمسك خيوط العملية الإنتاجية من ألفها إلى يائها؛ والألف هي الفلاح , والياء المصنع , بحيث يتم توفير كل أسباب الرعاية ومقومات النجاح التي تتبناها كل الأطراف, وتقديم الدعم المادي والفني والإرشادي, ومراقبة المنتجات الزراعية الصناعية. وهذا يتم من خلال رقابة مشتركة, محاولين بذلك تأمين المادة الأولية التي تستفيد منها الصناعة الوطنية والاستغناء عن المستوردات, وخاصة أن هناك رؤوس أموال ضخمة يمكن استثمارها في هذا المجال, والعائد منها يمكن استثماره في قطاعات أخرى, بهوية واحدة عندها نستغني تماماً عن أفكار الخصخصة وسلبياتها التي تعطي نتائج عكسية, والسؤال هنا: هل يصحو القطاعان من غفوتهما ويعملان تحت سقف التشاركية , وليس مفاهيم الخصخصة لتأمين اقتصاد صناعي قوي ..!؟
سامي عيسى
Issa.asmy68@gmail.com
سامي عيسى
164 المشاركات