“إسرائيل” تريد صيفاً حاراً!
عبد المنعم علي عيسى:
انتهج كيان الاحتلال الإسرائيلي، ما بعد عدوان تموز 2006، الذي أظهر الذراع العسكرية الإسرائيلية بوضع أقرب لـ”الكسل الوظيفي”، سياسة هي أقرب لأن يطلق عليها اسم “تهيب المواجهة”، فالتقديرات التي استخلصها خبراء الكيان كانت تقول إن تكرار حرب من نوع حرب تموز، وتكرار النتائج التي أفضت إليها، سوف يقود بالضرورة إلى حال تتعدى الحال الذي قادت إليه هذه الأخيرة، وهي كفيلة بإدخال تلك الذراع في حال من “كمون” القوة الذي من الصعب تخمين المدى الذي سيطول بقاؤها فيه، الأمر الذي يفسر السياسات التي انتهجتها “إسرائيل” في الحروب الست على غزة التي بدأت العام 2008 وكان آخرها في رمضان من العام الفائت، وفي كلها كان من الواضح أن “إسرائيل” لا تسعى إلى توسعة رقعة النار خوفاً من أن يؤدي الفعل إلى خروجها عن السيطرة في وقت كان الداعم الغربي يرى أن “كفاءة” الردع الإسرائيلية باتت على المحك، ومعها باتت نظرية “القلعة” الآمنة في مهب الريح، وتغير الصورة هنا شديد الأهمية لجهة الرهانات، وكذا لجهة الدعم المقدم لهذي الأخيرة التي ظلت تراهن على أن لا تتفوق “تكاليف” البقاء على المكاسب المتأتية منها في تلك الحسابات.
يرى كيان الاحتلال ،وفق مؤشرات عديدة، أن المناخات الإقليمية والدولية تبدو مهيأة لتسخين عام على امتداد المنطقة تمهيداً لشن عدوان يطول المناطق الفلسطينية المحتلة برمتها، ولربما يشمل أيضاً شن حرب سريعة ضد المقاومة الإسلامية في لبنان كمحاولة لتغيير المعادلات التي ارتسمت مع هذي الأخيرة في منازلة تموز سابقة الذكر، وفي ذاك تتركز الرؤية عند منعطفات عديدة من أبرزها هو التعثر الذي أصاب مفاوضات فيينا الرامية للعودة إلى إحياء “الاتفاق النووي الإيراني” الذي قامت واشنطن بإلغائه من طرف واحد شهر أيار من العام 2018، هذا التعثر، وفق الرؤية الإسرائيلية، يضعف موقف طهران ويجعل من دعمها لفصائل المقاومة في حدوده الدنيا، ومنها، أي من تلك المنعطفات التي تتركز عندها الرؤية، هو أن الحرب الأوكرانية استطاعت جذب اهتمام العالم بأسره، وهذا يعني أن الأصداء التي سيتركها أي عدوان إسرائيلي محتمل عند هذا الأخير ستكون في حدودها الدنيا، ناهيك بوجود قناعة عند جنرلات جيش الاحتلال الإسرائيلي، باتت تخرج كما التوصية للساسة، وهي تقول إن النار المشتعلة في عموم أراضي فلسطين المحتلة منذ شهر رمضان الماضي لن تنتهي إلا باضطرام أكبر، وهذا فعل ممكن تتيحه المناخات المتولدة عن الحرب الأوكرانية آنفة الذكر.
وعليه فإن الحسابات الإسرائيلية تبدو متجهة نحو مواجهة واسعة تسعى “اسرائيل ” من خلالها إلى استعادة “لياقتها” المشكوك فيها، ولربما اختارت لتلك المواجهة تاريخاً قريباً لـ12 تموز الذي يغوص عميقاً في الذاكرة الجماعية لشارعها، وكذا لنظيرتها عند تمددات هذا الأخير في الغرب، لكن الحسابات تغفل معطيات كثيرة منها ما هو ظاهر على السطح، ومنها ما هو مستتر لن يبين إلّا مع إعلان فوهات المدافع عن بدء مواجهة ستنتهي بدخول الكيان مرحلة “السبات” الطويل.